وأرسله ليو العاشر إلى لوريتو Loreto حيث زين بين عامي ١٥٢٣ و١٥٢٨ كنيسة سانتا ماريا بمجموعة من النقوش البارزة مستمدة من حياة العذراء، وبلغت من الجمال حداً بدا معه الملك في صورة البشارة كأنه «من السماء لا من الرخام»، على حد قول فاساري، ثم آوى أندريا بعد قليل من ذلك الوقت إلى ضيعة قريبة من موطنه مونتي سان سافينو، وعاش فيها عيشة الفلاح المجد حتى توفي في عام ١٥٢٩ في الثامنة والستين من عمره.
وكانت أسرة دلا ربيا Robbia della في هذه الاثناء تواصل العمل بامانة ومهارة في اشغلا الصلصال المزجج؛ وطال عمر أندريا دلا ربيا أكثر مما طال عمر عمه الذي بلغ خمسة وثمانين عاماً، وأوتى بذلك من الوقت ما مكنه من أن يدرب على فنه ثلاثة من أبنائه هم جيوفني، ولوكا، وجرولو. وقد بلغت اشغال أندريا في الصلصال المحروق من بريق اللون والرقة حداً يذهل معه زائر المتحف، فيهبر عينه ويمسك قدمه فلا يستطيع التحرك من مكانه. وقد امتلأت حجرة في البرجيلو Bargello بروائع من صنع يده، وامتاز مستشفى الالمبرئين بالزخارف الهلالية التي زين بها صورة البشارة. ونافس جيوفني دلا ربيا أباه أندريا في مهارته التي يتبينها الإنسان في البرجيلو واللوفر؛ وكاد آل دلا ربيا يقصرون جهودهم على الموضوعات الدينية مدى ثلاثة أجيال كاملة، وكانوا من أشد أنصار سفنرولا واعظمهم تحمساً لآرائه، وانضم ثلاثة من ابناء أندريا إلى إخوان سان ماركو يطلبون النجاة مع الراهب.
وكان الرسامون يحسون أعمق الإحساس بتأثير سفنرولا، وقد أخذ لورندسو ده كريدي Lorenzo de Credi فنه عن فيرتشيو Verrocchio، وحاكى طراز ليوناردو زميله في الدرس، وأخذ رقة صوره الدينية من التقوى التي بعثها فيه بيان سفنرولا ومصيره المفجع، وقضى نصف عمره يعمل في تصوير العذراء؛ حتى لا يكاد يخلو مكان من هذه الصور،