فنحن نراها في رومة، وفلورنس، وتورين، وافنيون، وكليفلاند. ووجوه هذه الصور غير متقنة، واثوابها فخمة، ولربما كانت أحسنها كلها صورة البشارة المحفوظة في متحف أفيزي. ولما بلغ لورندسو الثانية والسبعين من العمر وأحس بأن الوقت قد حان للتحلي بمظهر القداسة، ذهب ليعيش مع رهبان رانتا ماريا نوفو؛ ومات في ذلك المكان بعد ست سنين من ذهابه إليه.
واتخذ بيرو دي كوزيمو Piero di Cosimo لقبه من معلمه كوزيمو روسلي Cosimo Rosselli لأن «من يدرب الكفايات، ويزيد من سعادة الانسان أب بحق لا يقل شأناً عن أبي الإنسان الذي ولده»(٣٥). وأيقن كوزيمو أن تلميذه قد بَزَّه؛ فلما استدعاه سكستس الرابع لزخرفة معبد سستيني صحب بيرو معه؛ وهناك رسم بيرو صورة هلاك جند فرعون في البحر الأحمر وسط مناظر طبيعية مكتئبة من الماء، والصخر، والسماء الملبدة بالغيوم. وقد خلف لنا صورتين عظيمتين كلتاهما في متحف لاهاي وهما صورتا جوليانو دا سنجلو. ووهب بيرو نفسه كلها للفن، فقلما كان يعني بالمجتمعات او بالصداقة؛ وكان يعشق الطبيعة والوحدة، وينمك في الصور والمناظر التي يصورها. ومات الرجل وحيداً دون أن يعترف، بعد أن أخذ عنه فنه تلميذان تفوقا على أستاذهما كما تفوق هو على استاذه من قبل: نعني بهما الراهب بارتولميو وأندريا دل سارتو Andrea del Sarto.
واتخذ باتشيو دلا بورتا Baccio delle Porta لقبه من باب سان بيرو الذي كان يعيش عنده، فلما انضم إلى طائفة الرهبان سمى الأخ بارتولميو Fra Bartolommeo؛ وبعد أن درس الفن مع كوزيموروسلين وبيرو دي كوزيمو اتخذ لنفسه مرسماً مع ماريتو البرتنلي. وشاركه في رسم عدة صور، وظل وثيق الصلة به، صديقاً وفياً له، حتى فرق بينهما الموت.