وترتفع حالات كثيرة عدة طبقات، ولنترك "سير جون" يحدثنا عن تقديره لعمر هذه الآثار.
"تؤيد هذه الكشوف قيام حياة مدنية بالغة الرقي، في السند (وهو إقليم في "رئاسة بمباي" يقع في أعلى الشمال) والبنجاب خلال الألف الرابعة والثالثة من السنين قبل الميلاد، ووجود آبار وحمامات ونظام دقيق للصرف في كثير من هذه المنازل، يدل على حالة اجتماعية في حياة أهل تلك المدن تساوي على الأقل ما وجدناه في "سومر"، وتفوق ما كان سائداً في العصر نفسه في بابل ومصر .. وحتى "أور" لا تضارع بمنازلها من حيث البناء، منازل موهنجو- دارو"(٧).
وبين الموجودات في هذه الأماكن آنية منزلية وأدوات للزينة، وخزف مطلي وبغير طلاء، صاغه الإنسان بيده في بعض الحالات وبالعجلة في بعضها الآخر، وتماثيل من الخزف، وزهْر اللعب وشطرنج، ونقود أقدم من أي نقود وجدناها من قبل، وأكثر من ألف ختم معظمها محفور ومكتوب بكتابة تصويرية نجهلها، وخزف مزخرف من الطراز الأول، وحفر على الحجر أجود مما وجدناه في سومر (٨) وأسلحة وأدوات من النحاس، ونموذج نحاسي لعربة ذات عجلتين (وهي من أقدم ما لدينا من أمثلة للعربة ذات العجلات) وأساور وأقراط وعقود وغيرها من الحلي المصنوع من الذهب والفضة صناعة- كما يقول مارشال- "بلغت من دقة الإتقان ومهارة الصقل حداً يجعلها صالحة للعرض عند صائغ في شارع بُند (شارع في لندن مشهور بجودة معروضاته) في يومنا هذا، فذلك أقرب إلى المعقول من أن تستخرج من منزل مما قبل التاريخ يرجع إلى سنة ٥٠٠٠ ق. م"(٩).
ومن العجيب أن الطبقات الدنيا من هذه الآثار أرفع في فنونها من الطبقات العليا- كأنما أقدم هذه الآثار عهداً يرجع إلى مدنية أقدم من مدنية زميلتها في الطبقات العليا بمئات السنين، وقد يكون بآلافها وبعض الآلات هناك