للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصمامات)) (٩٨). وقد تتبع سير أوعية الجسم الدموية، وأعصابه، وعضلاته بدقة كبيرة، وقال إن السبب في الشيخوخة هو تصلب الشرايين، وإن سبب هذا التصلب هو قلة الرياضة الجسمية (٩٩). وبدأ كتاباً عن النسب الصحيحة لجسم الإنسان ليكون ذلك عوناً للفنانين، وقد ضمن صديقه بتشيولي Pacioli كتابه في النسب المقدسة بعض آرائه في هذا الكتاب. وقد حلل الحياة الجسمية للإنسان من مولده إلى موته، ثم شرع يوضح حياته العقلية: ((ألا ليت الله يمن علي بأن أشرح أيضاً الأحوال النفسانية لعادات الإنسان بنفس الطريقة التي أصف بها جسمه:)) (١٠٠).

وبعد، فهل كان ليوناردو من كبار العلماء؟ إن ألكسندر فن همبولدت Alexander Von Humboldt يرى أنه ((أعظم علماء الطبيعة في القرن الخامس عشر)) (١٠١). ويصفه وليم هنتر بأنه ((أعظم علماء التشريح في عصره)) (١٠٢). غير أنه لم يكن مبتكراً بالقدر الذي يظنه همبولدت، فقد جاءته كثير من آرائه في علم الطبيعة من جان بردان، ةألبرت السكسوني، وغيرهما ممن سبقوه. وكان يقع في أغلاط شنيعة، منها قوله في بعض ما كتبه ((إن أي سطح مائي ملاصق للهواء يمكن أن يكون في يوم ما أقل من سطح البحر)) (١٠٣)، ولكن هذا الأغلاط جد قليل إلى حد يدعو للدهشة في هذا القدر الجم من المذكرات التي تكاد تشتمل كل موضوع على سطح الأرض أو في السماء. أما أقواله في الميكانيكا النظرية فهي أقوال الهاوي ذي التفكير الراقي والعقل الحصين؛ وإذا ذكرنا أنه كان يعوزه التدريب والآلات، والزمن، وأنه بلغ ما بلغ رغم هذه العوائق الجمة، ورغم كدحه في الأعمال الفنية، فإنا لا نستطيع أن نحاجز أنفسنا عن القول بأن ما وصل إليه في العلم لهو من معجزات ذلك العصر المعجز.

وكان ليوناردو يرتفع في بعض الأحيان من دراساته في هذا الميادين الكثيرة إلى عالم الفلسفة: ((ألا أيتها الضرورة العجيبة: إنك بقوة العقل