الأعلى تلتزمين كل النتائج بأن تكون الأثر المباشر لعللها؛ كما أنك بقوة القانون الأعلى الذي لا ينقض تلتزمين كل عمل طبيعي بأن يعطيك وأن يتبع في هذه الطاعة أقصر عملية مستطاعة)) (١٠٤). وإنا لنستمتع في هذه الأقوال إلى نغمة العلم القوية في القرن التاسع عشر، وهي توحي بأن ليوناردو قد نفض عنه بعض العقائد الدينية. وقد كتب فاسارى في الطبعة الأولى لسيرة الفنان يقول إنه كان من بين ((طائفة من أصحاب العقول الملحدة، فلم يكن يؤمن بأي دين من الأديان، ولعله كان يرى أنه يفضل أن يكون فيلسوفاً عن أن يكون مسيحياً)) (١٠٥) - غير أن فارساى حذف هذه الفقرة من الطبعات التالية. وكان ليوناردو من حين إلى حين يلمز رجال الدين بعض اللمزات؛ فقد سماهم ((الفريسيين، وأتهمهم بأنهم يخدعون السذج بالمعجزات الكاذبة، وسخر ((العملة الزائفة)) أي الصكوك السماوية التي كانوا يستبدلون بها نقود هذا العالم (١٠٦). وكتب في أحد أيام الجمعة الحزينة يقول:((اليوم يلبس العالم كله ثوب الحداد لأن إنساناً واحداً مات في الشرق)) (١٠٧). ويلوح أنه كان يعتقد أن الموتى من القديسين عاجزون عن سماع ما يوجه إليهم من الدعوات (١٠٨). ((ليت لي من قوة البيان ما أستطيع به أن أؤنب الذين يعظمون عبادة الآدميين فوق عبادة الشمس .... وإن الذين يرغبون في أن يتخذوا الآدميين أرباباً يعبدونهم ليقعون في خطأ شنيع)) (١٠٩). وكان أكثر من سائر فناني النهضة تحرراً في تصوير العقائد المسيحية: فقد منع تصوير الهالات فوق الرؤوس، ووضَع العذراء على ركبتي أمها، وجعَل الطفل عيسى يحاول أن يركب ظهر الحمل الرمزي. وكان يرى أن العقل جزء من المادة، ويؤمن بوجود نفس روحية، ولكنه فيما يبدو كان يظن أن النفس لا تستطيع أن تعمل إلا عن طريق المادة، ووفقاً لقوانين ثابتة لا تتبدل (١١٠)؛ وكتب يقول: ((النفس لا تفسد قط بفساد