بالتكاسل والإبطاء، فما كان منه إلا أن ترك المدينة مغضباً واتخذ مسكنه في بيروجيا.
وتكررت هزيمة الشيخوخة على يد الشاب، وهي الهزيمة التي لا مفر منها، حين قبل دعوة البابا يوليوس الثاني ليزين له حجرة في الفاتيكان (١٥٠٧). فلما أن أتم بعض مراحل العمل ظهر تلميذه السابق روفائيل واكتسح كل شيء أمامه، فغادر بيروجينو روما كسير القلب، وعاد إلى بيروجيا، يرجو القيام ببعض الأعمال، وظل يعمل فيها إلى آخر أيام حياته؛ فبدأ (١٥١٤) ولعله أتم (١٥٢٠) ستاراً لمحراب مُعقَّد النقش لكنيسة سانت أجستينو، وكرر فيه مرة أخرى قصة المسيح. ثم صور لكنيسة عذراء لجريمي Madonna delle Lagrime في تريقي Trevi (١٥٢١) صورة عبادة المجوس وهي نتاج مدهش لرجل في الخامسة والستين على الرغم مما فيها من بعض الرسوم التافهة. وبينما كان يصور في فنتنيانو Fontignano القريبة من بيروجيا في عام ١٥٢٣ إذ أصيب بالطاعون أو لعله مات من الشيخوخة والضعف. وتقول الرواية المتواترة إنه أبى أن يتلقى القداس الأخير، وقال أنه يفضل أن يرى ما سوف يحدث في العالم الآخر للروح الخاطئة المعاندة (١٩)، ومن أجل ذلك دفن في أرض مجردة من القداسة (٢٠).
وبعد فان الناس جميعا يعرفون عيوب تصوير بيروجينو - يعرفون إسرافه في العواطف، ويعرفون تقواه المصطنعة الحزينة، ووجوهه البيضية الشكل المتقيدة بالعرف، والشعر المعقود بالأشرطة، والرؤوس المنحنية إلى الأمام على الدوام دليلا على التواضع لا يستثنى منها رأساً كاتو Cato وليونداس Leonidas الجريء. وفي وسعنا أن نجد في أوربا وأمريكا مائة من طراز بيروجينو الذي يتكرر كل يوم، لقد كان هذا الأستاذ خصباً أكثر