للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان من صنع بيروجيا ومساعديه- ومنهم روفائيل- في عام واحد هو عام ١٥٠٠ أي العام الذي كان فيه اقتتال البجليوني بريق الدماء في شوارع بيروجيا. فلما حقنت الدماء كان بمقدور أهل البلدة أن يخرجوا من مساكنهم ليمتعوا أنظارهم بالجمال الجديد الذي خلع على الميدان. ولعلهم وجدوا الشخصيات الوثنية جامدة بعض الشيء وودوا لو أن بيرودجينو لم يصورها واقفة ثابتة بل قائمة بعمل مل يكسبها حياة، ولكن صورة داود كانت جليلة رائعة بحق، وصورة عرافة ابربثتربون لا تكاد تقل رشاقة عن عذراء روفائيل، وصورة الأب الخالد فكرة طيبة فذة عن الكافر. وأظهر بيروجينو في رسومه على هذه الجدران وهو في سن الستين قواه الكاملة، وفي عام ١٥٠١ نصبته المدينة رئيساً لبلديتها اعترافاً منها بفضله.

ثم أخذ ينحدر من هذا الأوج انحدراً سريعاً، ففي عام ١٥٩٢ صور زواج العذراء في صورة قلدها روفائيل بعد عامين في صورة اسبيوز الدسيو وفي عام ١٥٠٣ عاد إلى فلورنس، ولم يسره أن يرى المدينة تلهج بالثناء على صور داود لميكل أنجيلو؛ وكان من بين الفنانين الذي دعوا للنظر في المكان الذي توضع فيه الصورة. ولكن المثال نفسه لم يقتنع برأيه، وكانت له الغلبة عليه. والتقى الرجلان بعد قليل من ذلك الوقت، وتبادلا الشتائم؛ وكان ميكل أنجيلو وقتئذ شاباً في الحادية والعشرين من عمره فقال إن بيروجينو غبي، وإن فنه "عتيق سخيف" (١٨). وقاضاه بيروجينو على هذا السب ولكنه لم يجن سوى السخرية. وفي عام ١٥٠٥ اتفق على أن يتم لكنيسة البشارة صورة الوديعة التي بدأها فلبينو لبي ولم تيمها، وأن يضيف إليها صورة صعود العذراء؛ وأتم عمل فلبينو بحذق وسرعة ولكنه كرر في صورة الصعود كثيراً من الأشكال التي استخدمها في عدة صور سابقة، ومن أجل هذا اتهمه فنانو فلورنس (وكانوا لا يزالوا يحسدونه على أجوره القديمة)