الشعراء القصاصون الفرنسيون فزادوا في هذه القصص وملأوها بأغاني البطولة والمجد، وأصبح إنشادها، بعد أن أضيفت بها حادثة إلى حادثة، وبطل إلى بطلة، مجموعة ضخمة من القصص الطويلة المضطربة، تنادي شاعراً مثل هومر لينسج من هذه القصص المفككة ملحمة متتابعة ويجعل منها وحدة متناسقة.
وقام بهذا الواجب نبيل إيطالي ففعل بقصص شارلمان ما فعله قبل ذلك بقليل قارس انجليزي، هو سير تومس مالوري Sir Thomas Malory بأقاصيص الملك آرثر والمائدة المستديرة؛ وكان هذا النبيل الإيطالي هو بوياردو كونت اسكانديانو Boiardo Count of Scandiano؛ وكان من أبرز أعضاء الخاشية في فيرارا. وقد أوفدته أسرة إستنسي في عدة سفارات خطيرة الشأن، وعهدت إليه إدارة مودينا ورجيو وهما أكبر أملاكها. ولم يكن قديراً في حكمه بقدر ما كان قديراً في غنائه، فكان يوجه الشعر العاطفي القوي إلى أنطونيا كبرارا Antonia Caprara، يسترحمها ويغتني بمحاسنها، أو يلومها على أنها غير وفية في إثمها؛ فلما تزوج ناديا جندساجا وجه موسيقاه كي ترعى في كلأ آمن من كلئها السابق، وبدأ ملحمة تدعى أرلندو الواد Orlando Innamorato (١٤٨٦ وما بعدها) يقص فيها متاعب أرلندو (أي رولان) للساحرة أنجلكا ويمزج بهذه القصة الغرامية مائة منظر ومنظر من الطعن، وألعاب الفروسية، والحرب. وتقول قصة فكهة منها إن بوياردو أخذ يطوف البلاد باحثاً عن اسم طنان يليق بالفارس المسلم الفخور بقصته، فلما عثر على ذلك اللقب العظيم رودمومنتي Rodomonte دقت أجراس أسكندريانو إقطاعية الكونت ابتهاجاً بهذا التوفيق، كأنها كانت تعلم أن سيدها كان يضع لفظاً للرجل النفاخ المختال سوف يذيع في أكثر من عشر لغات.