للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل قصد بها إلى أن تكون أنغاماً تسمعها الآذان (١) ومن هذا الإهمال للكتابة نشأت ضآلة علمنا بالهند القديمة.

إذن فما هي أسفار الفيدا التي نستمد منها جل عملنا بالهند في مرحلتها البدائية؟ إن كلمة "فيدا" معناها معرفة (٢) وإذن فسفر الفيدا معناه الحرفي كتاب المعرفة، و "والفيدات" يطلقها الهندوس على كل تراثهم المقدس الذي ورثوه عن أولى مراحل تاريخهم، وهي شبيهة بالإنجيل عندنا في أنها تدل على أدب أكثر مما تتخذ لنفسها صورة الكتاب، ولو حاولت تنظيم هذه المجموعة وتبوبيها لأحدثت خلطاً فظيعاً، ولم يبق لنا من الفيدات الكثيرة التي شهدها الماضي إلا أربعة أسفار:

١ - سفر رج، أو معرفة ترانيم الثناء.

٢ - سفر ساما، أو معرفة الأنغام.

٣ - سفر باجور، أو معرفة الصيغ الخاصة بالقرابين.

٤ - سفر أتارفا، أو معرفة الرقى السحرية.

وكل واحد من هذه الفيدات الأربعة، ينقسم إلي أربعة أقسام:

١ - إلى "مانترا" أو الترانيم.

٢ - إلى "براهمانا" أو قواعد الطقوس والدعاء والرقي لهداية الكهنة في مهمتهم.

٣ - إلي "أرانياكا" أو نصوص الغابة، وهي خاصة بالقديسين الرهبان.

٤ - إلى "يوبانشاد" أو المحاورات السرية، وهي تقصد إلى الفلاسفة (٣)


(١) ربما استعاد الشعر سلطانه القديم على هذا العصر، إذا ما عاودوا إلى إلقائه كلاماًً بدل قراءته في صمت.
(٢) ترى أشباه هذه الكلمة في كلمة "أويدا" اليونانية و "فيدو" اللاتينية و "ويز" الألمانية و "وت" و "وزدم" الإنجليزيتين.
(٣) ليس هذا التقسيم إلا نوعاً واحداً من أنواع التقسيم التي يمكن تطبيقها على مادة هذه الأسفار، وكان علماء الهندوس يضيفون عادة إلى الشروح "الموحى بها" في البراهمانا واليوبانشاد، مجموعات كثيرة لشروح أقصر من تلك، يصوغونها في عبارات موجزة ويطلقون عليها اسم "سترة" (ومعناها الحرفي خيوط)، أضافوا هذه الشروح إلى الفيدات، فاكتسبت على مر الزمن احتراماً تقليدياً يجعلها من مصادر الدين، على الرغم من أنها ليست منزلة من السماء؛ وكثير من هذه الشروح موجز إلى حد يتعسر معه فهم معناه، لكنها كانت تختصر العقيدة اختصاراً يسهل معه نقلها، أو قل كانت وسيلة تعين على حفظ الطلاب لها في عصر كانوا يعتمدون فيه على ذاكراتهم أكثر من اعتمادهم على الكتابة.