وليس بين أسفار الفيدا إلا سِفر واحد ينتمي إلى الآداب أكثر مما تنتمي إلى الدين أو الفلسفة أو السحر، فسفر "رج" ضرب من الدواوين الدينية، يتألف من ١٠٢٨ ترنيمة، أو أنشودة من أناشيد الثناء يتوجه بها الناس إلى مختلف معبودات الآريين الهنود- الشمس والقمر والسماء والنجوم والريح والمطر والنار والفجر والأرض وغيرها (١) ومعظم الترانيم دعوات واقعية في سبيل القطعان والمحصول وطول العمر، وقليل جداً منها هو ما يرتفع إلى مستوى الأدب، وبينها عدد ضئيل يبلغ درجة "الأنشاد" في رشاقتها وجمالها (٩٢) بعضها شعر طبيعي ساذج، كأنه الدهشة الفطرية يبديها الطفل إزاء ما يرى، فترنيمة أخرى تدهش لماذا لا تسقط الشمس على الأرض سقوطاً عمودياً حينما تبدأ في الانحدار، وترنيمة ثالثة تتساءل: كيف أمكن "لمياه الأنهار كلها أن تثب فواره إلى المحيط فلا تملؤه" ومنها ترنيمة على أسلوب "ثاناتويسيس" قيلت على جثمان زميل سقط صريعاً في ميدان القتال:
(١) تتألف هذه الأناشيد من مقطوعات قوام الواحدة منها أربعة أبيات عادة، ويتكون البيت الواحد من خمسة مقاطع أو ثمانية أو أحد عشر أو اثني عشر، وليس فيه مراعاة للوزن إلا في المقاطع الأربع الأخيرة فيراعى فيها الوزن عادة.