سكران، وبالقرب من الجزء الأول فتى وفتاة يرقصان معاً، وأثوابهما تدور في الهواء، وفي الجزء الأمامي من الصورة امرأة يدل ثدياها الناهدان على أنها في مقتبل العمر نائمة على الكلأ عارية، والى جانبها طفل قلق يدفع ثوبه ليروح عن مثانته ويتم بذلك دورة السكارى خارجاً من الغابات يفاجئ المرأة المهجورة، ونرى ساتيرات مخمورات، ورجلاً عارياً تلتف الأفاعي حوله، وإله الخمر العاري يقفز من عربته ليمسك بالأميرة الهاربة. وتبلغ النهضة الوثنية في هذه الصورة وفي صورة عبادة فينوس أعظم ما بلغته من قوة وسلطان.
ورسم تيشيان في هذه الثناء صورة تستلفت الأنظار للدوق ألفنسو نصيره الجديد: رسمه ذا وجه جميل ينم عن ذكاء، وجسم ممتلئ تزيده مهابة ثياب رسمية فخمة، ويد جميلة (يصعب أن تكون يد فخراني ومحارب) متكئة على مدفع محبوب، وتلك هي الصورة التي أعجب بها وأثنى عليها ميكل أنجيلو نفسه. وجلس إريستو لتيشيان ليصوره، ورد هذه التحية لتيشيان ببيت من الشعر في إحدى طبعات فيور بوسو المتأخرة، كذلك جلست لكريدسيا بورجيا للمصور العظيم، ولكن أثراً ما لم يبق لهذه الصورة، ولربما جلست أيضاً لورا ديانتي Laura Diante عشيقة ألفنسو لصورة لم تبق إلا نسخة مأخوذة عنها في مودينا. وأكبر الظن أن ألفنسو هذا هو الذي رسم له تيشيان صورة من أجمل صوره وهي صورة مال الخراج، ترى فيها فريسياً له رأس فيلسوف يوجه سؤاله في إخلاص والمسيح يجيبه في غير غضب جواباً بليغاً.
ومن المميزات الخاصة بذلك العصر أن تيشيان قد استطاع الانتقال من تصوير باخوس إلى تصوير المسيح، ومن فينوس إلى مريم، ثم عاد من مريم والمسيح إلى فينوس وباخوس، دون أن يضطرب لذلك عقله، ذلك