انه صور في عام ١٥١٨ لكنيسة الرهبان أعظم صورة على الإطلاق وهي صورة صعود العذراء. ولما وضعت هذه الصورة في إطار فخم من الرخام خلف المذبح العالي رأى سانودو Sanudo كاتب اليوميات البندقي أن هذا الحادث خليق بالتسجيل فكتب يقول: ((في ٢٠ مايو ١٥١٨: أقيمت بالأمس اللوحة التي صورها تيشيان … للرهبان الفرنسيس)) (٣٩). ولا تزال رؤية صورة الصعود في كنيسة الرهبان من الحوادث الهامة في حياة إنسان ذي إحساس رقيق. ويرى الإنسان في وسط اللوحة الضخمة التي رسمت عليها هذه الصورة العذراء كاملة قوية، مكتسبة ثوباً أحمر ومئزراً أزرق، ذاهلة متوجسة، ترفعها خلال السحب هالة مقلوبة من صغار الملائكة المجنحين. وفوق صورة العذراء حاول المصور محاولة مخففة - وكان لابد لها أن تخفق - أن يصور الله - فلم يرسم إلا ثوباً، ولحية، وشعراً تنفشه رياح السماء، وأجمل من هذا صورة الملك الذي يأتيه بتاج لمريم. وتحت هذا صور الرسل، وهم عدد متباين من الصور الفخمة، ينظر بعضهم في دهشة، وبعضهم يركع للصلاة والعبادة، وبعضهم يتطلع إلى أعلى كأنه يريد أن يؤخذ إلى الجنة. وإذا ما وقف متشكك نافر أمام هذه الدعوة القوية إلى الإيمان لم يسعه إلا أن يأسف لتشككه، ويقر بما في هذه الأسطورة من جمال، وما تبعثه في النفس من أمل.
وأراد ياقوبو بيزارو، أسقف باقوس Paphos في قبرص أن يعبر عن شكره لله لما أحرزه أسطول البندقية من نصر على العمارة التركية فعهد إلى تيشيان أن يصور ستاراً آخر في محراب كنيسة الرهبان - للمعبد الذي دشنته من قبل أسرة هذا الأسقف. وأدرك تيشيان الخطر الذي سوف يتعرض له إذ يقوم على رسم صورة عذراء أسرة بيزارو يتحدى بها تحفته الفنية التي نالت الإعجاب من وقت قريب. لكنه ظل يعمل في الصورة الجديدة سبع سنين قبل أن يطلقها من مرسمه. وآثر فيها أن يرسم العذراء