نهر برينتا، وأقنع الراهب جيوكندا مجلس السيادة فيها أن يأمر بتحويل مصب النهر إلى مكان بعيد عنها في الجنوب، وقد تطلب هذا التحويل نفقات جمة. ولولا هذا لما كانت البندقة اليوم ذات الشوارع المائية التي تعد معجزة من المعجزات. ومن أجل هذا يسمي لويجي كونارو Luigi Cornaro جيوكندا منشئ البندقية الثاني. أما آيته الفنية في فيرونا فهي قصر الكنسجليو، وهو مشرقة رومانسية بسيطة يعلوها طنف رشيق، وتتوجها تماثيل للكرنيلوس نيبوس Cornlius Nepos، وكاتلس، وفتروفيوس، وبلني الأصغر، وإميليوس ماتشير Emilius Macer - وكلهم من السادة المهذبين مواطني فيرونا الأقدمين. وعين جيوكندا في روما مهندساً لكنيسة القديس بطرس مع رفائيل وجوليا نودا سنجالو Giuliano da Sangallo، ولكنه مات في تلك السنة نفسها (١٥١٤)، وكان عمره وقتئذ إحدى وثمانين سنة، حافلة بجلائل الأعمال.
وحفزت أعمال جيوكندا في أثار روما القديمة مهندساً آخر من أهل فيرونا هو جيوفتماريا فلكونيتو Giovanmaria Falconetto. وقد بدأ بتصوير جميع الآثار القديمة في الإقليم الذي يعيش فيه، ولما أتم تصويرها رحل إلى روما ليقوم بهذا العمل نفسه فيها، وخصه باثنتي عشرة سنة كاملة من حياته. ولما عاد إلى فيرونا انظم إلى الجانب الخاسر في السياسة فاضطر إلى الانتقال إلى بدوا، وفيها شجعه بمبو وكرنارو على أن يطبق الرسوم اليونانية والرومانية القديمة في العمارة، وآوى المعمر الكرم جيوفنماريا وأطعمه، وأمده بالمال والحب حتى بلغ ذلك الفنان ستة وسبعين عاماً من العمر. وصمم فلكونيتو شرفة لقصر كرنارو في بدوا، وبابين من أبواب تلك المدينة وكنيسة سانتا ماريا دلي جرادسي Santa Maria delle Grazie، وتألف من جيوكندو، وفلكونيتو، وسانميتشيلي ثالوث من المعماريين لم يكن له نظير إلا في روما وحدها.