في الحجم مع غيرها من الصور بحيث تخدع الناظر إليها أسفل فيتمثل له البعد بينها وبين الرسل الناظرين إليها. وأكبر السباب في روعة هذه القبة يرجع إلى صور الرسل الفخمة، الذين يظهر بعضهم عراة، ينافسون في ذلك آلهة فدياس، ولعل مصورهم قد أخذ عن ميكل أنجيلو جلال العضلات التي رسمها في معبد سستيني قبل ذلك الوقت باثني عشر عاماً. ويرى في بندريل (١) بين عقدين القديس أمبروز القوي يناقش القديس يوحنا في بعض المسائل الدينية، وقد خلع عليه الفنان من الجمال ما لا يقل عن جمال أي إله بالغ من آلهة البارثنون. وترى أشكال فنية مفرطة في الجمال، يفترض أنها ملائكة تملأ فراغ الصورة بوجوه ملائكية، وأعجاز، وسيقان، وأفخاذ. وهنا نرى النهضة اليونانية التي تقادم عهدها في الآداب الإنسانية وفي مانوتيوس، وقد بلغت أوجها في الفن المسيحي.
ولما حل عام ١٥٢٢ فتحت كتدرائية بارما العظيمة أبوابها للفنان الشاب، وتعاقدت معه على أن تؤجره ألف دوقة (١٢. ٥٠٠ دولار) لينقش لها أماكن الصلاة والقبا، وموضع المرنمين، والقبة. وظل يقوم بهذه المهمة في فترات امتدت إلى ثمان سنوات من عام ١٥٢٦ إلى يوم وفاته. واختار لزخرفة القبة صورة صعود العذراء وروع كثيرين من قساوسة الكتدرائية بأن جعل هذه الصورة النهائية منظراً جائشاً باللحوم الآدمية. فوضع في وسط الصورة العذراء متكئة على الهواء، تسبح نحو السماء بذراعيها الممتدتين لتقابل فيها ابنها، ومن حولها وأسفل منها حشد سماوي من الرسل، والحواريين، والقديسين - صورا أحسن تصوير لا يقل عن أحسن صور رفائيل، ويخيل إلى الناظر أنهم يدفعونها إلى أعلى بأنفاس الضراعة والعبادة، وتستند العذراء على جماعة من الملائكة يبدون كأنهم فتيان وفتيات أصحاء
(١) البندريل Spendrel هو المسافة بين المنحني الخارجي لعقد والزاوية القائمة التي تقوم فوق أحد طرفيه (عمارة). (المترجم)