الجسام تبدو أجسامهم العارية الفتية رائعة الجمال، أولئك أجمل الفتيان المراهقين العراة في الفن الإيطالي بأجمعه. وذهل أحد رجال الدين وارتبك حين شاهد كل هذه الأذرع والسيقان فعاب الصورة بقوله إنها:((كتلة من لحم الضفادع المقلو))؛ ويبدو أن غيره من جماعة القسيسين قد التبس عليهم أمر ذلك الخليط من اللحم البشري الذي يحتفل بالعذراء؛ وأن ذلك أدى إلى أن يقف عمل كريجيو في الكتدرائية إلى حين.
وكان في هذه الأثناء تتقدم به السن إلى الكهولة (١٥٣٠)، وأخذ يتوق إلى الحياة الهادئة المستقرة؛ ولهذا ابتاع بضعة أفدنة خارج كريجيو وأصبح من ملاك الأرض كأبيه، واجتهد في أن يعول أسرته ويمول مزرعته بفرشاته، وأخرج في خلال مشروعاته الكبرى وبعدها طائفة من الصور الدينية، تكاد كل واحدة منها تكون آية فنية: مجدلين تقرأ؛ عذراء القديس سبستيان- وهي أجمل عذراء في كريجيو؛ وسيدة إسكوديلا ومها طاس والطفل المسيح مصوراً أحسن تصوير؛ وسيدة سان جيرولامو التي تسمى في بعض الأحيان ألـ جيرونو II Giorno أو النهار، ولا تقل صورة جيروم هنا في جمالها عن صورته عند مايكل أنجيلو. وصورة الملك الممسك بكتاب أمام المسيح ذات جمال كجمال الفتيات، وتمثل مجدلين وهي تضع خدها على فخذ المسيح أطهر الخاطئات وأرقهن قلباً، والألوان القوية الزاهية الحمراء والصفراء تجعل الصورة كلها خليقة بتيشيان في أحسن عهوده. وآخر ما نذكره من صوره صورة عبادة الرعاة التي خلع عليها الخيال أسم الليل La Notte، ولم يكن ما أولع به كريجيو في هذه الصور هو الطائفة الدينية بل كل قيمها الجمالية - خشوع الأم الشابة وتعبدها، وهي نفسها ذات جمال تطالعك بوجهها البيضي، وشعرها اللامع الأملس، وجفونها الناعسة، وأنفها الرفيع، وشفتيها الرقيقتين، وصدرها الناهد؛