وفي تصوير النسيج الحي للبشرة الآدمية. ويمتاز تلوينه بالسيولة واللألاء، والحياة الناشئة من انعكاس الأضواء والشفيف، وهو أرق - بألوانه البنفسجية، والبرتقالية، والوردية، والزرقاء، والصيغات الفضية المختلفة - من البريق الذي يخطف البصر في رسوم البنادقة المتأخرين. وكان أستاذاً في التضليل فكان يصور الضوء والظل بتراكيبهما وإيحياءاتهما التي يخطئها الحصر، حتى لا تكاد المادة في صور عذاراه تستحيل صورة ووظيفة من صور الضوء ووظائفه. وكان يجرب في جرأة عظيمة أساليب من الأشكال يؤلف بينهما: الهرمي، والقطري، والدائري، ولكنه في مظلمات القبا ترك الوحدة تفلت منه بين سيقان القديسين والملائكة المسرفة في الكثرة. وقد أولع بمراعاة المنظور في صوره ولعاً جاوز الحد، ولهذا بدت الشخوص التي في صور القبا مزدحمة مكدسة، منفرة شبيهة بصورة المسيح الصاعد لسان جيوفني إيفانجيلستا وإن كانت هذه الشخوص قد رسمت كما يتطلب العلم الدقيق. لكنه لم يعني قط الدقة الميكانيكية، ولذا فأن كثيراً من شخصياته، كشخصية مكوبر Micawber تنقصها الدعامات الظاهرة التي تستند إليها. وقد صور بعض موضوعات دينية تصويراً غاية في الإبداع ولكن أعظم ما كان يهتم به هو الجسم - جماله، وحركاته، ومواقفه، ومباهجه؛ وترمز صوره الأخيرة انتصار فينوس على العذراء في الفن الإيطالي أثناء القرن السادس عشر.
ولم يكن يتفوق عليه في نفوذه في إيطاليا وفرنسا غير ميكل أنجيلو؛ وقد اتخذته مدرسة بولونيا في التصوير التي يتزعمها آل كراتشى نموذجاً في القرن السادس عشر؛ وأقام الفنانان اللذان جاءا بعد هذه الأسرة، وهما جيدو رينى Guido Reni ودومينيكيو Domenichino على أساس فن كريجيو فناً ممتازاً في تصوير الأجسام ذات عاطفية حسية. وأدخل شارل له برون Cherles Le Brun ( الأسمر) وبيير مينو Pierre Mignaud