القلعة. ووعدت هي القابضين عليها، إذا ما أطلقوا سراحها، أن تذهب إلى أولئك الجنود وتقنعهم بالتسليم، فأجابوها إلى ما طلبت. ولكنهم احتفظوا بأبنائها رهائن عندهم. فما كادت تدخل القلعة حتى أغلقت أبوابها، وتولت بنفسها توجيه الدفاع بقوة وعنف؛ ولما أن هددها الثوار بقتل أبنائها إذا لم تسلم هي ورجالها لم تعبأ بتهديدهم وقالت لهم أن في رحمها ابناً آخر وإنه يسهل عليها أن تحمل بعدة أبناء آخرين. وبعث لدوفيكو صاحب ميلان جنوداً أنقذوها، وأخمدت الفتنة في غير شفقة، ونصب أتافيانو Ottaviano ابن كاترينا حاكماً على المدينة تسيره أمه بيدها الحديدية. حسبنا هذا عنها الآن وسنواصل الكلام عليها في موضع آخر.
ولا تزال تقوم الآن في شمال طريق أيمليا وجنوبه عاصمتان قديمتان: أولاهما رافنا، التي كانت فيما مضى ملجأ للفاتحين الرومان، وسان مارينو San Marino الجمهورية التي احتفظت بنظام حكمها إلى هذه الأيام. وكان منشأ سان مارينو هذه أن قامت حول دير القديس مارينوس St. Marinus ( المتوفى عام ٣٦٦) محلة صغيرة ذات مركز منيع على قمة جبل صخري. وقد استطاعت بفضل هذا الموقع أن تنجو من هجمات المغامرين الأفاقين في أيام النهضة. واعترف البابا إربان الثامن رسمياً باستقلالها في عام ١٦٣١، ولا تزال محتفظة بهذا الاستقلال مناً وكرماً من الحكومة الإيطالية التي لا تجد فيها إلا القليل مما يمكن أن تفرض عليه ضريبة. أما رافنا فقد استعادت رخاءها الزائل بعد أن استولى عليها البنادقة في عام ١٤٤١؛ ثم طالب بها يوليوس الثاني للبابوية في عام ١٥٠٩؛ ثم رأى جيش فرنسي أن من حقه، بعد أن انتصر في معركة شهيرة بالقرب منها، أن ينهب المدينة نهباً لم تنج قد من آثاره إلى أيام الحرب العالمية الثانية، التي حطمتها مرة أخرى. وفي هذه البلدة صمم بيترو لمباردو بناء على طلب برناردو بمبو والد الشاعر الكردنال، القبر الذي يضم الآن رفات دانتي (١٤٨٣).