مما في حياة الجندي من الصعاب، إلى تأثير النساء المهذب المرقق للإحساس، ((وليس ثمة بلاط، مهما بلغ من العظمة يمكن أن يكون فيه روعة أو بهجة أو مرح إذا خلا من النساء؛ وليس في وسع رجل الحاشية أن يكون رشيقاً، كيساً لطيفاً، شجاعاً، أو أن يقوم في وقت من الأوقات بأي عمل من أعمال الشهامة والفروسية إلا إذا استثاره حديث النساء … وحبهن)) (٢٥). فإذا شاءت المرأة أن يكون لها هذا النفوذ المهذب والمرقق وجب أن تحتفظ بكامل أنوثتها، فتبتعد عن تقليد الرجال في هيئتها، أو آدابها، أو حديثها، أو ملبسها. ويجب أن تعنى بجمال جسمها، وحنان حديثها، ورقة روحها؛ ولهذا فأن من واجبها أن تتعلم الموسيقى، والرقص، والآداب، وفن التسلية؛ فتستطيع بذلك أن تحصل على جمال الروح الداخلي وهو الغرض المنبه للحب وباعثه. ((وليس الجسم الذي يتلألأ فيه الجمال المعين الذي ينبع منه … لأن الجمال غير مادي)) (٢٦)((وليس الحي إلا رغبة في الاستمتاع بالجمال)) (٢٧) أما ((من يظن أنه يستمتع بالجمال بامتلاك الجسم فهو مخدوع أشد الانخداع)) (٢٨). ويختتم الكتاب بتحويل الفروسية العارمة السائدة في العصور الوسطى إلى ذلك الحب العذري الشاحب وهو آخر إخفاق تغفره المرأة للرجل.
ولقد انهار المثل الأعلى الذي تصوره كستجليونى للعالم ذي الثقافة المهذبة الرقيقة، والاحترام المتبادل، انهار هذا المثل عندما اجتيحت روما وهبت نهباً وحشياً في عام ١٥٢٧. وفي ذلك تقول فقرة في أواخر هذا الكتاب:((كثيراً ما كان ازدياد الثروة سبباً في الدمار المروع، كما حدث في إيطاليا المسكينة التي كانت ولا تزال غنيمة للأمم الأجنبية بسبب ما فيها من حكم فاسد وثراء عظيم)) (٢٩). وكان في وسعه أن يلوم نفسه إلى حد ما على هذا الدمار. ذلك أن البابا كلمنت السابع اختاره في عام ١٥٢٤ مندوباً بابوياً إلى مدريد ليصلح ما بين شارل الخامس والبابوية. وكان سلوك كلمنت