كان ملك أرغونة وصقلية يحارب للاستيلاء على عرش نابلي، وكان البابا بوجنيوس الرابع (١٤٣١ - ١٤٤٧) من أعدائه يطالب بنابلي ويراها إقطاعية من إقطاعياته خارجة عليه. وكان عالم متهور مثل فيلا، ملم بالتاريخ إلمامه بالجدل والمناظرة، لا يملك ما يخشى عليه من الضياع، كان عالم مثله آلة طيعة يمكن استخدامها ضد البابا. ولهذا كتب فلا (١٤٤٠)، ومن ورائه ألفنسو يحميه، أشهر رسائله جميعاً وعنوانها في هبة قسطنطين الكاذبة التي يخطئ الناس في تصريفها. وقد هاجم في هذه الرسالة عهد قسطنطين الذي خلع فيه أول إمبراطور مسيحي على البابا سلفستر الأول (٣١٤ - ٣٣٥) السلطة الزمنية الكاملة على غربي أوربا بأجمعه، وقال إن هذه الوثيقةمزورة سخيفة. وكان نيقولاس القوزي Nicholas of Cusa قد أوضح منذ زمن قليل (١٤٣٣) بطلان هذه الهبة في رسالته الاتفاقية الكاثوليكية التي كتبها لمجلس بازل. وكان هذا المجلس أيضاً على خلاف مع يوجنيوس الرابع؛ ولكن انتقاد فلا لهذه الوثيقة من الناحيتين التاريخية واللغوية قضى عليها قضاء وضع حداً نهائياً لهذه المسألة (وإن كان فلا نفسه قد وقع في كثير من الأخطاء).
ولم يكتفي فلا وألفنسو بالحجج العلمية بل لجأا أيضاً إلى الحرب السافرة، ويقول فلا في هذا:((أنا لا أهاجم الموتى فحسب، بل أهاجم أيضاً الأحياء))، وأخذ يقذف بوجينوس المؤدب بالقياس له بأشنع السباب:((وحتى لو فرضنا جدلا أن هذه الوثيقة صحيحة، فإنها تكون مع ذلك عديمة القيمة، لأن قسطنطين لم يكن له سلطة إصدارها، ومهما يكن من أمرها فإن جرائم البابوية قد جعلتها لاغية)) (٣). ثم اختتم فلا أقواله (متجاهلاً ما وهبه يبيين وشارلمان للبابوية من أملاك) بأنه إذا تبين أن هذه الهبة مزورة، فإن السلطة الزمنية للبابوات قد ظلت