ألف عام سلطة مغتصبة. وقد نشأ من هذه السلطة الزمنية فساد الكنيسة، وحروب إيطاليا، ((وسيطرة القساوسة المتغطرسة، الهمجية، الاستبدادية)). وأهاب فلا بأهل روما أن يثوروا ويقضوا على الحكومة البابوية القائمة في تلك المدينة، ودعا أمراء أوربا إلى العمل على حرمان البابوات من جميع ما لهم من أملاك (٤). لقد كانت الدعوة أشبه بدعوة لوثر، ولكن ألفنسو كان هو الموحي بها، وهكذا أصبحت النزعة الإنسانية الأدبية سلاحاً من أسلحة الحرب.
ورد بوجينوس على هذه الحرب باستخدام محكمة التفتيش، فاستدعى فلا أمام ممثليها في نابلي، وأقر أمامهم في سخرية بأيمانه الكامل بالدين ثم أبى أن يزيد على ذلك شيئاً. وأمر ألفنسو ممثلي هذه المحكمة بأن يدعوه وشأنه، ولم يجرءوا هم على عصيان أمره. وواصل فلا هجومه على الكنيسة فأظهر أن المؤلفات التي تعزى إلى ديونيسيوس الأريوبجيتى غير حقيقية، وأن رسالة أبقاروس إلى المسيح التي نشرها يوزبيوس مزورة، وأن الرسل لم يكن لهم شأن ما في تكوين العقائد التي تعزى إليهم. على أنه لما ظن أن ألفنسو كان يعمل لمصالحة البابوية، قرر أن من الخير له أن يصالحها هو أيضاً، فوجه اعتذاراً إلى يوجينيوس، أعلن فيه رجوعه عن إلحاده، وأكد إيمانه بدينه، وطلب أن تغفر له ذنوبه. ولم يرد عليه البابا، غير أنه لما جلس نقولاس الخامس على عرش البابوية، وأرسل في طلب العلماء، عين فلا أميناً للهيئة الدينية البابوية (١٤٤٨)، وعهد إليه أعمال الترجمة من اللغة اليونانية إلى اللاتينية، واختتم حياته قساً في كنيسة سان جون لاتران ودفن في أرض طاهرة.
وقد أبان مناظره المسالم أنطونيو بيكادلي عن أخلاق ذلك العصر بتأليف كتاب بذيء وترحيب كبراء إيطاليا بهذا الكتاب. وقد ولد أنطونيو في بالرم (١٣٩٤) ولهذا لقب بالبانرمينا il Panormi'a، وتلقى تعليمه العالي في سينا، ولعله تلقى فها أيضاً أخلاقه المريبة، وألف حوالي عام ١٤٢٥ سلسلة من المرثي والنكات الشعرية باللغة اللاتينية عنوانها