وحتى في روما نفسها شوّه بعض التذمر هذا الرخاء الطارئ. ذلك أن حكم نقولاس لهذه المدينة كان حكماً مستنيراً عادلاً كما يراه هو، وكان قد وعد بتحقيق بعض الآمال الجمهورية، بأن رشّح أربعة من المواطنين يعيّنون هم في المستقبل جميع موظفي البلدية، ويشرفون على شئون الضرائب التي تجبى من المدينة. ولكن أعضاء مجلس الشيوخ والأعيان وهم الطبقة التي كانت تتولى حكم المدينة حين كان البابوات يقيمون في أفنيون وفي عهد الانشقاق، لم يرضوا عن الحكومة البابوية القائمة فيها، كما استاء العامة من تحويل الفاتيكان إلى قصر محصن يقوى على صد أي هجوم يماثل الهجوم الذي أدى إلى طرد يوجنيوس من روما. وكانت الأفكار الجمهورية التي ينادي بها أرنلد البيشائي، وكولا دي ريندسو Cola di Rienzo لا تزال تثير كثيراً من العقول. وحدث في السنة التي تربّع فيها نقولاس على عرش البابوية أن ألقى زعيم من أهل المدينة يدعى استفانو بركارو Stefaco Porcaro خطبة حماسية نارية يطالب فيها بإعادة الحكم الذاتي إلى المدينة؛ فما كان من نقولاس إلاّ أن نفاه من المدينة نفياً مريحاً، إذ عيّنه حاكماً لأنياني، ولكن بروكورو استطاع أن يعود إلى العاصمة، وأن ينادي بنداء الحرية أمام جمع مهتاج في حفلة مقنعة. ونفاه نقولاس مرة أخرى إلى بولونيا، ولكنه ترك له حريته الكاملة ولم يفرض عليه إلاّ أن يظهر كل يوم أمام المندوب البابوي في المدينة. بيد أن استفانو، الذي لم يكن شيء يثبّط همته أو يقعد به عن العمل، استطاع وهو في بولونيا أن يدبر مؤامرة محكمة أشرك فيها ثلاثمائة من أتباعه في روما. وكانت النية مبيتة على أن يهاجم المتآمرون قصر الفاتيكان في يوم عيد الغطاس أثناء قيام البابا والكرادلة بالقداس في كنيسة الرسول بطرس، ثم يستولوا على ما فيه من كنوز ليتمكنوا بها من إقامة جمهورية، ثم يلقوا القبض على نقولاس نفسه ويتخذوه أسيراً (١٩). وغادر بركارو بولونيا أسيراً (في ٢٦ ديسمبر سنة