للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نابلي، وتلكأت البندقية خشية أن تكون أملاكها الباقية لها في بحر إيجة أولى ضحايا الحرب التي تنشب بين أوربا المسيحية والأتراك. وجاءت أخيراً بعثة في شهر أغسطس من فليب الطيب دوق برغندية؛ وفي سبتمبر أقبل فرانتشيسكو وتبعه غيره من أمراء إيطاليا؛ وعقد المؤتمر أولى جلساته في السدس والعشرين من هذا الشهر بعد أربعة أشهر من قدوم البابا؛ ومرت أربعة أشهر أخرى في الجدل والنقاش، واستطاع فليب آخر الأمر أن يضم برغندية وإيطاليا إلى جانب في خطته المرتقبة للقيام بحرب مقدسة، وذلك بعد أن اتفق المؤتمرون على تقسيم الأملاك التركية وقتئذ والأملاك البيزنطية السابقة بين الدول المنتصرة. وقد طلب إلى جميع المسيحيين من غير رجال الدين أن يتبرعوا بجزء من ثلاثين من دخلهم، وإلى جميع اليهود بجزء من عشرين منه، ومن جميع رجال الدين بجزء من عشرة من هذا الإيراد. وعاد البابا إلى روما وهو يكاد يكون خائر القوى من أثر ما بذله من جهود، ولكنه أمر بإنشاء أٍطول بابوي، وأعد العدة رغم ما كان ينتابه من أمراض الرثية، والسعال، والحصاة، لأن يقود الحملة الصليبية بنفسه.

ولكنه مع ذلك كان يهاب الحرب بفطرته، ويحلم بأن ينال النصر عن طريق السلم. ولعل ما كان يشاع من أن محمداً الثاني الذي كانت أمه مسيحية يميل في السر إلى دينها قد بعث الشجاعة في قلب بيوس، فوجّه إلى السلطان (١٤٦١) دعوة حارة لقبول إنجيل المسيح كانت أبلغ ما كتب حتى ذلك الوقت:

"إذا اعتنقت المسيحية، لم يبق أمير على وجه الأرض يفوقك في المجد أو يضارعك في السلطان. ولئن فعلت لنعترفن بك إمبراطوراً على اليونان وعلى بلاد الشرق، وتصبح البلاد، التي استوليت عليها بالقوة، والتي تحتفظ بها ظلماً وعدواناً، ملكاً لك مشروعاً … وما أعظم السلم التي