للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسه من مواثيق بحجة أنها تناقض التقاليد والسلطات المرعية التي رفع الزمان شأنها. واسترضى الكرادلة بأن جعل أدنى حد لإيرادهم السنوي أربعة آلاف فلورين (١٠٠. ٠٠٠؟ دولار). وكان وهو ابن أسرة من التجار يعتز بالفلورينات، والدوقات، والسكوديات، والجواهر التي تظهر ثراء المرء أمام الأعين. وكان يلبس تاجاً بابوياً تزيد قيمته على قيمة قصر من القصور. وكان وهو كردنال يشغل أوقات الصائغين بصنع الجواهر، والمدليات، والحلي المنقوشة التي كان يتجلى بها ثراءه بأجّل المظاهر؛ وقد جمع هذه كلها مع مخلفات الفن القديم الغالية الثمن في قصر سان ماركو الفخم الذي بناه لنفسه عند قاعدة الكبتول (١). ولكنه رغم حبه الجم للجمال لم ينحط إلى بيع المناصب الكهنوتية، ومنع بيع صكوك الغفران، وحكم روما حكماً عادلاً وإن لم يكن رحيماً.

وشر ما يذكره عنه الخلف هو نزاعه مع الإنسانيين الرومان. فقد كان بعض هؤلاء أمناء للبابا أو الكرادلة، وكانت كثرتهم الغالبة تشغل مناصب أقل من هذا المنصب شأناً، فكانوا "كتّاب مختصرات" أو حفظة سجلات للحكومة البابوية. وفصل بولس هذه الجماعة كلها، ووزع عملها على إدارات أخرى، فأصبح نحو سبعين من أولئك الكتّاب الإنسانيين بلا عمل أو عينوا في مناصب أقل من مناصبهم السابقة أجراً. ولسنا نعلم أكان هذا إجراء يراد به الاقتصاد أم كان يقصد به تخليص "هيئة المختصرين" من أهل سينا الثمانية والخمسين الذين عينهم فيها بولس الثاني، وكان أفصح أولئك الإنسانيين المفصولين لساناً هو بارتولميو ده ساتشي Bartolommeo ds Sacchi الذي اتخذ له اسماً لاتينياً هو بلاتينا اشتقه من موطنه بيادينا Piadena القريبة من كريمونا؛ وقد طلب إلى البابا أن يعيد


(١) وأهدى بيوس الرابع هذا القصر إلى البندقية، ومن ثم عرف فيما بعد باسم قصر البندقية Pilazza Venezia. وقد اتخذه بنيتو مسولويني مقره الرسمي أثناء الحكم الفاشي.