للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واسكا لفيناتوس Scalfenatus، وجان ده لا بالو Jean de la Balue وجوليانو دلا روفيري، وسافلي Savelli، وردريجو بورجيا من أبرز الكرادلة الزمنيين، سرت إليهم عدوى الفساد الذي كان منتشراً في إيطاليا بين الطبقات العليا في عصر النهضة. فقد أحاطوا أنفسهم في قصورهم الفخمة بأكبر ما تتيحه المدنية الراقية من أعظم ضروب الترف؛ فكانوا يعيشون كما يعيش الأمراء الزمنيون، ويبدو أنهم كانوا يحسبون أن أثوابهم الكهنوتية ليست إلاّ زينة تتطلبها مراتبهم. وكانوا يصيدون، ويقامرون، ويقيمون الولائم وضروب التسلية الفخمة ويشتركون في جميع ضروب المرح التمثيلي الذي تجري به المساخر المقنعة؛ وينغمسون في الفساد الخلقي الطليق من كل قيد؛ وينطبق ذلك أكثر ما ينطبق على ردريجو بورجيا (٥٨).

وكان الفساد المنتشر في تلك الطبقة العليا صورة من الفوضى الأخلاقية السائدة في روما كما كان من أسباب انتشارها. فقد كان العنف، واللصوصية، والسلب والنهب، والرشوة، والتآمر، والانتقام من الأعمال اليومية العادية. وكان كل صباح يكشف في الأزقة عن رجال قتلوا في أثناء الليل. وكان قطاع الطرق يترصدون الحجاج وسفراء الدول، ويجردونهم أحياناً من ثيابهم حين يقتربون من عاصمة العالم المسيحي (٥٩). وكانت النساء يهاجمن في الشوارع وفي البيوت. وسرقت قطعة من الصليب الحق مغلفة بالفضة من مكان المقدسات في كنيسة سانتا ماريا في تراستيفيري Trastevere، ثم وجد خشبه مجرداً من غلافه الفضي في كرمة (٦٠). وكان هذا التشكك الديني واسع الانتشار؛ وشاهد ذلك أن أكثر من خمسمائة أسرة في روما أدين أفرادها بالإلحاد في الدين ثم عفي عنهم بعد أن أدوا غرامات. ولعل حكومة البابا المأجورة في روما كانت خيراً من محكمة التفتيش المأجورة السفاحة التي كانت أعمالها تروع أسبانيا في تلك الأيام. وحتى القساوسة أنفسهم لم يكونوا مبرئين من