وعلى أساس القواعد التي أذاعها "بريهاسباتي" هذا، نشأت مدرسة هندوسية مادية بأسرها، أطلق عليها اسم واحد من رجالها، وهو "شارفاكا" وكان أتباع هذه المدرسة يضحكون من سخف الرأي القائل: أن أسفار الفيدا قد احتوت على الحق كما أوحى به الله، وقالوا في حجاجهم إن الحق يستحيل معرفته إلا عن طريق الحواس؛ وحتى العقل لا يجوز الركون إليه والثقة به، لأن كل استدلال عقلي لا يعتمد في صوابه على الملاحظة الدقيقة والتدليل الصحيح فحسب، بل يعتمد كذلك على افتراض أن المستقبل سيجيء على غرار الماضي؛ واليقين في مثل هذا الافتراض مستحيل، كما كان "هيوم" ليقول في الموضوع عندئذ (١٠)؛ قال فريق "الشارفاكا" إن ما لا تدركه الحواس ليس له وجود، وإذن فالروح وهم من الأوهام والإله "أتمان" أبطولة من الأباطيل؛ أننا لا نصادف في تجاربنا ولا في تجارب السالفين، إذ نستبطن أنفسنا، أية علامة تدل على وجود قوى خارقة للطبيعة في العالم؛ كل الظواهر طبيعية، ولا يردها إلى الشياطين أو الآلهة إلا السذج (١١)؛ والمادة هي وحدها الحقيقة التي لا حقيقة سواها؛ والجسم مجموعة من ذرات اجتمع بعضها ببعض (١٢) وما العقل إلا مادة تفكر؛ والجسم- لا الروح- هو الذي يشعر ويرى ويسمع ويفكر (١٣)"من ذا الذي رأى روحاً موجودة في استقلال عن الجسم؟ " فليس هناك خلود ولا عودة إلى الحياة؛ والدين كله تخليط وهذيان وسفسطة خادعة؛ وافتراض وجود الله لا ينفع شيئاً في شرح العالم أو فهمه، وإذا اعتقد الناس بضرورة الدين، فما ذاك إلا لأنهم تعوّدوه، ولذا فهم يحسون كأنما ضاع منهم ضائع، ويشعرون كأنهم في خلاء لا تطمئن