ولم يُر حياً بعد تلك الساعة. ولما لوحظت غيبته طلب البابا أن يبحث عن أبنه الحبيب، واعترف صاحب زورق أنه رأى جثة تلقى في نهر التيبر في ليلة الرابع عشر من الشهر؛ ولما سئل لِمَ لَم يبلغ عنها، قال أنه شاهد في حياته مائة حادث من هذا النوع، وإنه تعلم ألا يشغل باله بها. وفتش مجرى النهر، ووجدت الجثة، مطعونة في تسعة مواضع مختلفة؛ ويلوح أن الدوق الشاب هاجمه عدد من الأشخاص؛ وحطم الحزن قلب الإسكندر وأدى به إلى أن يغلق على نفسه باب غرفته الخاصة، ويمتنع عن الطعام، وكان أنينه يسمع في الشارع نفسه.
وأمر أن يبحث عن القتلة، ولكن لعله ارتضى بعد قليل من الوقت أن يبقى الحادث في طي الخفاء. وكانت الجثة قد عثر عليها بالقرب من قصر أنطونيو بيكو مير ندولا Antonio Pico della Mirandola ويقال إن الدوق أغوى ابنته الحسناء؛ ويعزو كثيرون من المعاصرين ومنهم أسكالونا Scalona سفير مانتو مقتله إلى جماعة من السفاحين المتشردين أستأجرهم الكونت لهذا الغرض؛ ولا يزال قولهم هذا أقرب التفاسير احتمالاً (٤٩). ويعزو آخرون ومنهم سفيرا فلورنس وميلان في روما هذه الجريمة إلى أحد أبناء أسرة أرسيني التي كانت وقتئذ مشتبكة مع البابا في حرب (٥٠)؛ ويقول بعض الثرثارين النمامين إن جيوفني غازل أخته لكريدسيا، وإن مقتله كان بأيدي بعض أتباع زوجها جيوفني اسفوردسا (٥١). ولم يتهم أحد في ذلك الوقت سيزاري بورجيا، ويبدو أن سيزاري، وهو وقتئذ في الحادية والعشرين من عمره، كان على أتم وفاق مع أخيه؛ فقد كان كردنالاً، وكان يسير في طريق الرقي الخاص به، ولم يغير هذا الطريق ويسلك طريق الجندية إلا بعد أربعة عشر شهراً من الحادث؛ ولم يفد شيئاً ما من مقتل أخيه، ولم يكن هو ليتنبأ بأن جيوفني سيفارقه في طريقه وهما عائدان من بيت فاندسا. ولم يرتب الإسكندر وقتئذ