في الحرب؛ وكان يكتب إليها ويرسل لها الهدايا أحياناً، ولكنه لم يرها بعد قط. وعاشت دوقة فالنتنوا عيشة متوسطة منعزلة في بورج Bourge أو في قصر لاموت في La Motte feuilly في الدوفينيه؛ يداعبها الأمل في أن يبعث في طلبها أو أن يأتي هو إليها. ولمّا أن نكب وتخلى عنه من حوله حاولت أن تذهب هي إليه، ولمّا مات علقت الستر السوداء على بيتها، وظلت تلبس ثياب الحزن عليه حتى توفيت. ولعله كان يبعث في طلبها فيما بعد لو أنه أتيحت له فترة من السلم دامت أكثر من بضعة أشهر، وأكثر من هذا احتمالاً أنه لم يكن ينظر إلى زواجه بها إلاّ على أنه صفقة سياسية لا أكثر، وأنه لم يكن يشعر نحوها بشيء من الحنان. ويبدو أنه لم يكن بفطرته حنوناً إلاّ بقدر معتدل، وأنه كان يحتفظ بهذا القدر للكريدسيا التي كان يحبها حباً هو كل ما يستطيع أن يحب به امرأة. وشاهد ذلك أنه وهو يسرع من أربينو إلى ميلان مع لويس الثاني عشر ليخادع بذلك أعداءه، خرج عن خط سيره ليزور أخته في فيرارا وكانت وقتئذ في أشد حالات المرض. ووقف عند فيرارا مرة أخرى وهو عائد من ميلان، واحتضنها بين ذراعيه، بينما كان الأطباء يحجمونها، وبقى معها حتى زال عنها الخطر (٧٨). وجملة القول أن سيزاري لم يكن قد خلق للزواج؛ وكانت له عشيقاته، ولكن عشقه لم يدم لأيهن طويلاً؛ وسبب ذلك أن حرصه على السلطان كان يستنفذ كل جهوده، فلا يترك لأية امرأة مكاناً تنفذ منه إلى نفسه وتستولي على عواطفه.
ولمّا كان في روما كان يعيش معيشة العزلة، ويكاد يكون مختفياً عن الناس؛ وكان يقضي الليل في العمل وقلما كان يراه أحد بالنهار. ولكنه كان يشتغل بجد حتى في الوقت الذي يبدو أنه يستريح فيه من عناء الأعمال؛ وكان يفرض رقابة شديدة على عماله في الولايات البابوية، ويعاقب من يسيئون استخدام سلطتهم، وأمر بإعدام واحد منهم لقسوته