واستغلاله نفوذه؛ وكان على الدوام يجد من الناس من يحتاجون إلى أن يعلمهم كيف يحكمون رومانيا أو يحافظون على النظام في روما. وكان الذين يعرفونه يقدرون ذكاءه، وقدرته على أن ينفذ مباشرة للب الموضوع الذي يعالجه، واغتنامه كل فرصة تتيحها له الظروف وإقدامه على العمل السريع الحاسم المثمر. وكان محبوباً من جنده، لأنهم كانوا يعجبون في السر بنظامه الذي ينجيهم من المهالك بقسوته: وكانوا يوافقون كل الموافقة على كل ما يلجأ إليه من الرشا، وأساليب المكر والخداع التي قلل بها من عدد أعدائه وأضعف بها عنادهم، وأنقص من عدد المعارك الحربية التي خاضها جنوده وعدد قتلاهم فيما خاضوه منها (٧٩). وكان الدبلوماسيون يغصبون إذ يجدون أن هذا القائد الشاب السريع الحركة الذي لا يهاب الردى يفوقهم في القدرة على التفكير والمحاجة والدهاء، وأن في مقدوره إذا دعت الحاجة أن يكون مثلهم في الكياسة والفصاحة والفتنة.
وقد جعلته نزعته إلى السرية هدفاً سهلاً للهجائين في إيطاليا، وللشائعات الوقحة التي كان في وسع السفراء المعادين أو الأشراف الساقطين أن يخترعوها عنه أو ينشروها. وليس في استطاعتنا الآن أن نميز الحقيقة من الخيال في هذه التهم الفظيعة. ومن هذه الأقوال الواسعة الانتشار أنه كان من عادة الإسكندر وولده أن يعتقلا الأغنياء من رجال الكنيسة لتهم تذاع عنهم، ثم يطلقاهم إذا أدوا مبالغ كبيرة من المال فدية أو غرامة. فقد قيل مثلاً إن أسقف تشيوينا سجن في قلعة سانت أنجيلو بدعوى أنه ارتكب جريمة لم تذع حقيقتها، ثم أطلق سراحه بعد أن دفع للبابا عشرة آلاف دوقة (٨١).
وليس في وسعنا أن نقول أهذه عدالة أم لصوصية؛ ولكننا إنصافاً للإسكندر يجب ألاّ ننسى أنه كان من عادة المحاكم الكنسية والمدنية في