صدقت القصة التي تروى عن قتله دوق غنديا. وكان الثرثارون من أهل روما يتحدثون عن سم بطيء المفعول يسمونه الكنتريلا Cantarela أهم عناصره الزرنيخ، ويقولون إنه إذا وضع مسحوقه في الطعام أو الشراب - وحتى في نبيذ العشاء الرباني نفسه - فإنه يحدث موتاً بطيئاً يصعب تبع سببه. غير أن المؤرخين في هذه الأيام يرفضون بوجه عام ما يروى من القصص عن الموت البطيء في أيام النهضة ويرون أنها من خلق الخيال، وإن كانوا يعتقدون أن آل بورجيا في حالة أو حالتين قد سموا بعض الكرادلة الأغنياء" (٨٩)(١). وقد تؤدى البحوث في مستقبل الأيام إلى تكذيب هذه الحالات بأجمعها.
ورويت قصص شر من هذه عن سيزاري. منها واحدة تؤكد لنا أنه أراد مرة أن يسلي الإسكندر ولكريدسيا فأطلق في فناء عدداً من المسجونين حكم عليهم بالإعدام، ثم وقف هو في مكان أمين وأظهر حذقه في الرماية بإطلاق سهام قاتلة عليهم واحداً بعد واحد بينما كانوا هم يبحثون عن عاصم لهم من سهامه (٩٠). والمصدر الوحيد لهذه القصة هو كابيلو مندوب البندقية: ونحن في هذه الحال بين اثنتين، فإما أن السياسي كاذب في قوله وإما أن سيزاري قد أتى هذا الأمر حقاً، ولكن أول الفرضين أرجح في رأينا من ثانيهما.
أما أبعد فضائع آل بورجيا عن العقل فهي التي تظهر في يوميات بيركهارد Burchard رئيس التشريفات في عهد الإسكندر، وهي يوميات
(١) يميل الباحثون بوجه عام إلى تبرئته من أفظع ما يرمى به من التهم الأخلاقية، وإن كانوا ينبذون جميع المحاولات الباطلة التي يراد بها إظهار الإسكندر في صورة المثل الأعلى للبابوات. وتبقى بعد هذا تهمة التسميم السري بسبب جشعه المالي، وهي تهمة يبدو أنها ثابتة، أو قريبة من الثبات، في حالة واحدة لا أكثر، ولكن هذه الحالة قد يستدل منها على أن حالات أخرى صحيحة. "تاريخ كيمبردج الحديث Cambridge Modern History المجلد أول، ص ٢٤٢".