بما يتفق بوجه عام مع حكم رسكو عليه، وكان أكثر رأفة به من باستور (١١٧). وثمة حكم آخر متأخر عن حكم هؤلاء جميعاً وهو أرحم به منهم ونعني حكم العالم البروتستنتي رتشرد جارنت Richard Garnett في تاريخ كيمبردج الحديث:
"لقد كسبت أخلاق الإسكندر بلا ريب من بحوث المؤرخين المحدثين. وقد لكان من الطبيعي أن يظهر بمظهر الظلم والفجور رجل اتهم بهذه الجرائم الكثيرة، وكان بلا ريب مصدر الكثير من الفضائح. غير أ، هذا الوصف أو ذلك لا يليق به. لقد كان العامل الأساسي في أخلاقه كلها فطرته الغزيرة الفياضة. ويسميه سفير البندقية الرجل "الجسدي" وهو لا يقصد بهذا أن يعزو إليه أية نقيصة من النقائص الخلقية، بل يقصد أنه رجل حاد الطبع، عاجز عن السيطرة على عواطفه وانفعالاته النفسية. وكانت طبيعته هذه مبعث الحيرة للإيطاليين الهادئين غير دوي العواطف الجياشة من رجال الصنف الدبلوماسي الذي يكثرون بين الحكام ورجال السياسة؛ وقد أساءوا كثيراً إلى الإسكندر بعجزهم عن فهمه على حقيقته، مع أنه في واقع الأمر لم يكن أقل إنسانية من معظم أمراء زمانه بل كان يفوقهم كثيراً في هذا المجال. وكانت هذه الغريزة الجسدية العارمة مصدر كثير من الخير والشر فيه. ذلك أنها قد ساقته إلى شهوانية عارمة من نوع ما، وإن كان في نواح أخرى معتدلاً زاهداً، وسبب ذلك أنه لم تكن تقيده مبادئ أخلاقية قوية أو أفكار روحية مستمدة من الدين. أما في صورتها التي هي أدعى إلى الإجلال والتقدير، وهي حبه لأسرته فقد ساقته هذه النزعة إلى الاعتداء على جميع مبادئ العدالة، وإن لم يفعل حتى في هذه الناحية أكثر من قيامه بعمل ضروري محتوم لا يمكن أداؤه "بالماء المقدس" كما قال أحد عماله. لكن دماثة أخلاقه ومرحه قد أبعداه عن الاستبداد بالمعنى العادي لهذا اللفظ … فقد كان في العادة يعنى بمصالح شعبه من الناحية المادية، ولهذا يعد من