خير الحكام في زمانه، وكان في حكمه يضارع خير حكام تلك الأيام من الناحية العملية. غير أن عدم تقيده في سياسته بالمبادئ الأخلاقية قد أفسد عليه ما كان يستطيع أن يدركه ببصيرته القوية النفاذة، ذلك أنه كانت تعوزه الحكمة العليا التي تمكنه من أن يدرك خصائص الفترة التي يعيش فيها ويتنبأ بمجريات أمورها، ولم يكن يعرف للمبدأ معنى" (١١٨).
والذين لهم ما للإسكندر من إحساس مرهف بمفاتن النساء ورشاقتهن لا تطاوعهم نفوسهم على أن يقذفوه بالحجارة بسبب عشقه وهيامه بالنساء، ذلك أن ما يؤخذ عليه في هذه الناحية قبل أن يرتقي عرش البابوية لم يكن فيه من الفضائح أكثر مما في مغامرات إينياس سلفيوس Aeneas Sylius المحب إلى المؤرخين، أو يوليوس الثاني الذي أكرمته الأيام فغفرت له آثامه. ولم يسجل التاريخ أن هذين البابوين قد عينا بعشيقاتهما وأبنائهما كما عنى الإسكندر بعشيقاته وأبنائه. والحق أن الجو الذي كان يحيط بالإسكندر كان فيه من خصائص الأسرة والمنزل ما كان يجعله رجلاً خليقاً بالاحترام إلى حد ما، لو أن قوانين الكنيسة وعادات إيطاليا في عصر النهضة، وألمانيا وإنجلترا في زمن الإصلاح الديني، قد أجازت زواج رجال الدين. ذلك أن خطاياه لم تكن خطايا ارتكبها ضد الطبيعة البشرية، بل كانت ضد القواعد التي تلزم رجال الدين بأن يظلوا عزاباً، وهي القواعد التي رفضها نصف العالم المسيحي بعد قليل من ذلك الوقت. وليس في مقدورنا أن نقول إن صلته بجويليا فرنيزي كانت صلة جسدية؛ ومبلغ علمنا أن فائندسا، ولكريدسيا، وزوج جويليا لم يعترضوا قط على هذه الصلة؛ ولعلها لم تكن أكثر من المتعة البسيطة التي يجدها الرجل السوي فيما تستمتع به امرأ ة جميلة من جاذبين ومرح وحيوية.
ومن واجبنا حين نحكم على أعمال الإسكندر السياسية أن نفرق بين غاياته ووسائله. فأما غاياته فقد كانت كلها غايات مشروعة- هي استعادة