أن تدوس قدمه الحافية على كائن حي فترديه؛ ولا يجوز للجانتي أبداً أن يذبح حيواناً أو يضحي به؛ ولو كان "جانتياً" صميماً أقام المستشفيات والمصحات- كما ترى في احمد أباد- للحيوانات إن هرمت أو أصابها أذى؛ والحياة التي يجوز له أن يزهقها هي حياته دون غيرها؛ فالعقيدة الجانتية تجيز الانتحار ولا تقيم في سبيله العقبات، خصوصاً إذا تم بوسيلة الجوع، لأن ذلك أبلغ انتصار تظفر به الروح على إرادة الحياة العمياء؛ ولقد مات جانتيون كثيرون على هذا النحو، وقادة المذهب يبارحون هذه الدنيا- حتى في عصرنا هذا- بتجويع أنفسهم حتى الموت (٢١).
إن عقيدة دينية كهذه، قائمة على أساس من الشك العميق في قيمة الحياة والإنكار الشديد لها، كان يمكن أن تجد في الناس شيوعاً في بلد ما فتئت الحياة فيه عسيرة شاقة؛ لكن هذا التطرف في الزهد قد حال دون إقبال الناس عليها حتى في الهند؛ فمنذ ظهور المذهب الجانتي، والجانتيون صفوة مختارة؛ وعلى الرغم من أن "يوان شوانج" وجدهم عديدي النفر أقوياء الأثر في القرن السابع (٢٢). فإنهم كانوا عندئذ في أوج حياتهم التي سلخت سيرتها في هدوء؛ وحدث سنة ٧٩ م أن انشقوا فريقين تفصلهما هوة سحيقة من اختلاف الرأي على موضوع العري؛ ومنذ ذلك الحين، كان الجانتي إما إن يكون منتسباً إلى طائفة "شويتامْبَارا"- أي طائفة ذوي الأردية البيض- وأما أن يكون منتسباً إلى طائفة "ديجامبارا"- أي المتزملين بالسماء، أو ذوي الأجساد العارية؛ وكلتا الطائفتين تلبس الثياب العادية كما يقضي المكان والزمان، وقدّيسوهم وحدهم هم الذين يجوبون الطرقات عراة الأجسام؛ وهذان المذهبان الفرعيان لهما فروع، فطائفة "ديجامبارا" لها أربعة فروع، وطائفة "شويتامبارا" لها أربعة وثمانون فرعاً (٢٣)، ويبلغ عدد أتباع الطائفتين معاً مليوناً وثلاثمائة ألف نسمة من عدد السكان الذين يبلغون ثلاثمائة وعشرين