الحامية من الحصن وهجم على سيزاري، فصده هذا، وتعقب القوة المهزومة بتهور وقلة مبالاة؛ وجاء المدد إلى الكونت وقتئذ، وهجم عدوه، وفر جنو سيزاري القلائل، ولم يثبت إلاّ هو نفسه ورفيق له واحد، وحارب حتى أثخن بالجراح ومات في القتال (١٢ مارس سنة ١٥٠٧) وهو في سن الحادية والثلاثين.
وكانت هذه خاتمة شريفة تحيط بها الريب. ذلك أ، في حياة سيزاري بورجيا أشياء كثيرة لا تروقنا، نذكر منها كبرياؤه وتبجحه، وإهماله زوجته الوفية، ومعاملته النساء كأنهن أدوات لملذاته العابرة، وقسوته على أعدائه في بعض الأحيان - مثال ذلك حكمه بالإعدام على جويليوفارنو Giulio Varno صاحب كميرينو Camerino وعلى ولديه؛ وقتله فيما يبدو اثنين من أبناء منفريدي Manfredi؛ وهي قسوة تناقض كل التناقض رأفة الرجل الذي يتسمى باسمه (١). وكان يعمل عادة بالمبدأ القائل إن تحقيق أغراضه يبرر في رأيه كل وسيلة يستخدمها لهذه الغاية، فالغاية في رأيه تبرر الوسيلة. لكننا نذكر مع هذا أنه كان يجد نفسه محوطاً بالأكاذيب، وأنه استطاع أن يتفوق في الكذب على من عداه حتى كذب عليه يوليوس. ونكاد نجزم بأنه لم تكن له يد في مقتل أخيه جيوفني، ولكن أكبر الظن أنه هو الذي حرّض السفاحين على قتل دوق بستشجيلي Bisceglie، ولعله كانت تنقصه - بسبب مرضه - القدرة على مواجهة مصاعبه بشجاعة وكرامة؛ وكان موته هو العمل الوحيد الذي شرفت به حياته.
ولكنه حتى هو كان يتصف ببعض الفضائل، فما من شك في أنه كان ذا كفاية غير عادية مكنته من أن يرقى هذا الرقي السريع، وأن يتعلم بهذه السرعة فنون الزعامة، والتفاوض، والحرب. ولمّا أن عهد إليه بذلك الواجب الشاق، واجب استعادة سلطة البابا في الولايات البابوية، ولم يكن