للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القديس بطرس؟ وحذا حذو البابا كبار رجال الدين والأعيان، ورجال المصارف والتجار الذين امتلأت بهم روما بعد أن زاد فيها الثراء، فشادوا القصور تكاد تضارع في فخامتها قصور الأباطرة العظام، ينافس بها بعضهم بعضاً في الثراء، وشقت شوارع رئيسية واسعة خلال المدينة وفيما كان عليه تخطيطها في العصور الوسطى من فوضى واضطراب، وفتحت مئات من الشوارع الفرعية الجديدة لا يزال واحد منها يحمل اسم البابا العظيم،، وقصارى القول أن روما القديمة قامت من بين خرائبها وأنقاضها وأضحت من جديد موطناً لقيصر من القياصرة العظام.

وإذا ما استثنينا كنيسة القديس بطرس كان لنا أن نقول إن ذلك العصر كان في روما عصر القصور لا عصر الكنائس. وكانت هذه القصور من الخارج بسيطة متماثلة في مظهرها! فكانت واجهة القصر على شكل مستطيل كبير مقام من الآجر، أو الحجر، أو الجص، وكان مدخله من الحجر يزين في العادة برسوم، وفي كل طابق صفوف متماثلة من النوافذ، من فوقها قوصرات مثلثة إهليجية الشكل، وتكاد تعلوها على الدوام شرفة تكون رشاقة شكلها الخارجي محكاً خاصاً للمهندس وموضعاً لعنايته. وكان أصحاب الثراء الموفور يخفون وراء الواجهة المتواضعة ما لا حصر له من الزخرف والأبهة التي قلما تقع عليها عين الشعب الغيور الحاسدة: فقد كان من خلف هذه الواجهة بئر مركزية تحيط بها أو تفصلها عما حولها درج عريضة من الرخام؛ وكانت في الطابق الأرضي حجرات بسيطة تستخدم لإنجاز الأعمال أو خزن المتاع، وفي الطابق الأول -أو الثاني كما يسميه الأمريكيون- حجرات الاستقبال والولائم الرحبة، ومعارض الفن، أرضها من الرخام أو القرميد الصلب الملون، وفيها الأثاث، والطنافس، والأنسجة البديعة في مادتها وأشكالها، والجدران تقويها العمد المربوعة؛ والسقف ذات اللوحات المزخرفة الغائرة مستديرة، أو مثلثة، أو ماسية الشكل، أو مربعة،