وعلى الجدران والسقف صور من صنع الفنانين الذائعي الصيت، تمثل في العادة موضوعات وثنية، لأن الطراز الحديث في تلك الأيام كان يقضي بأن يحيا السادة المسيحيون، حتى رجال الدين منهم، وسط مناظر مستقاة من الأساطير القديمة. وفي الأطباق العليا كانت الحجرات الخاصة بالسادة والسيدات، والخدم أصحاب الأزياء الخاصة، والأطفال والمراضع والمربيات، والمعلمين الخصوصيين والمعلمات، والوصيفات. وكان للكثيرين من الناس من الثراء ما يمكنهم من أن يتخذوا لهم فضلاً عن تلك القصور بيوتاً خلوية في الريف أو الضواحي يلجأون إليها من صخب المدينة أو حر الصيف. وقد تخفي هذه البيوت الريفية الكثير من الجلال، والزخرف، وأسباب النعيم، والروائع الفنية التي أخرجتها أيدي رفائيل، وبيروتشي، وجويليورومانو، وسباستيانو دل بيمبو Sebastino del Piombo … وقد كانت هندسة القصر والبيت الريفي السالفة الذكر فناً أنانياً في كثير من نواحيه؛ تظهر فيه الثروة المنتزعة من العمال الذين لا تقع عليهم عين الثري، ولا يحصيهم عد، ومن الأراضي القاصية، وتفخر بالزخرف الزاهي الذي تستمتع به أقلية من أصحاب الثراء. ولقد كانت بلاد اليونان القديمة وأوربا في العصور الوسطى أنبل روحاً وأرق طبعاً في هذه الناحية. ذلك أن هذه أو تلك لم تكن تنفق ثروتها في الترف والملاذ الخاصة، بل كانت تنفقها في تشييد الهياكل والكنائس التي كانت ملك الناس جميعاً ومصدر فخرهم وإلهامهم، وكانت بيوت الشعب كما كانت بيوت الله.
وكان اثنان من بين المهندسين المعماريين في روما في عهد الإسكندر السادس أخوين، وكان ثالث ابن أخ لهما. وأحد هذين الأخوين هو جوليانوا دا سنجلو Guiliano da Sangallo، الذي بدأ حياته مهندساً عسكرياً في جيش فلورنس، ثم انتقل إلى خدمة فيرانتي صاحب نابلي؛ وأصبح صديقاً لجوليانو دلا روفيري، في الأيام الأولى من كردناليته.