للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولقد استحوذ على تقاليد التصوير الإيطالي الفنية جزءاً جزءاً وما لبث أن بلغ بها حد الكمال.

وكان في هذه الفترة الفلورنسية (١٥٠٤ - ١٥٠٥، ١٥٠٦ - ١٥٠٧) قد شرع يرسم صوراً تطبق الآن شهرتها العالم المسيحي وغير العالم المسيحي. ففي متحف بودابست Budapest مثلاً صورة شاب -لعلها صورة له هو- له نفس البيرية (١) ونظرة العينين الجانبية التي نشاهدها في صورة معرض بتي. ورسم رفائيل وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره صورة مادنا دل غراندوقا Madonna del Granduca أي سيدة الدوق الأكبر (معرض بتي) التي صور وجهها ذا الشكل البيضي الكامل، وشعرها الحريري، وفمها الصغير، وجفونها الشبيهة بجفون نساء ليوناردو وقد خفضتها في حب حزين، نقول إنه صور هذه المعارف ليعارض بها معارضة قوية قناعها الأخضر ورداءها الأحمر. وكان فرديناند الثاني دوق تسكانيا الأكبر يجد من السرور في مشاهدة هذه الصورة ما يحمله على أن يأخذها معه في أسفاره- ومن هنا اشتق اسمها. ولا تقل عن هذه جمالاً صورة مادنا دل كارديلينو Madonna del Cardellino أي سيدة الحسُّون (٢) (في متحف أفيزي)، فالطفل المسيح في هذه الصورة آية رائعة من آيات التفكير، ولكن القديس يوحنا، الذي يصل ظافراً بالطائر مقبوضاً عليه يلعب به، بهجة للعقل والعين، ووجه العذراء يمثل تمثيلاً لا يمكن أن ينمحي من الذاكرة حنان الأم الشابة المتسامحة. وقد أهدى رفائيل لورندسو ناسي Lorenzo Nasi هذه الصورة بمناسبة زفافه؛ ولكن زلزالاً حدث في عام ١٥٤٧ هدم بيت ناسي وحطم الصورة؛ ثم جمعت قطعها بحذق وعناية لا يستطيع أحد معها أن يحدس ما أصابها


(١) Beret لباس للرأس. (المترجم)
(٢) طائر أوربي صغير براق اللون من طيور الزينة. (المترجم)