قط ما بلغه فيه من مستوى رفيع ممتاز، ولهذا فإنه حين بدأ في عام ١٥١١ يزخرف الحجرة الثامنة التي تسمى الآن حجرة إليودورو باسم أهم صورة فيها، بدا أن الإلهام التصوري للبابا والفنان قد فقد قوته وناره. ولم يكن من السهل أن ينتظر من يوليوس أن يخصص جناحه كله لتمجيد الاتحاد بين الثقافة الرومانية واليونانية القديمة وقتئذ أن يخصص عدداً قليلاً من الحجرات لتخليد ذكريات من الكتب المقدسة وقصة المسيحية. ولعله أراد أن يركز إلى ما يتوقعه من طرد الفرنسيين من إيطاليا، فاختار لإحدى نواحي الحجرة الوصف الحي الواضح الموجود في كتاب المكابيين الثاني والذي يقول إن هليودورس وجماعته الوثنيين حاولوا اختلاس كنوز معبد أورشليم (١٨٦ ق. م) فهجم عليهم ثلاثة من الملائكة المحاربين. ونرى في هذه الصورة الكاهن الأكبر أنياس Onias راكعاً عند المذبح أمام خلفية معمارية من العمد العظيمة، واللوحات الغائرة، يطلِب العون من الله. وإلى اليمين ملاك راكب شديد الغضب يدوس القائد السارق، ويتقدم منقذان سماويان غيره ليهاجما الكافر الساقط، الذي تتناثر على الأرض نقوده المسروقة. وإلى اليسار يجلس يوليوس الثاني جلال هادئ يرقب طرد الغزاة، ويحتقر الفنان بوضعه هذا الدقة التاريخية احتقاراً لا يسعنا إلاّ أن نشهد له بالسمو في التفكير. ويختلط عند قدميه جماعة من النساء اليهوديات برفائيل (وهو الآن رجل ملتح وقور) وبصديقيه مركنتونيو رايمندي Morcantonia Raymondi الحفار، وجيوفني دي فلياري Giovanni di Foliari أحد أمناء البابا. ولا يرتفع هذا المظلم إلى الدرجة التي يرتفع إليها مظلم الجدل أو مدرسة أثينة؛ فقد خصص كله تخصيصاً واضحاً لا خفاء فيه لتمجيد حبر واحد من الأحبار وموضوع واحد سريع الزوال، مضحياً في ذلك بالوحدة في التأليف؛ ولكنه مع ذلك آية فنية بلا ريب، تنبض بالعمال، ذات فخامة معمارية، ويكاد ينافس ميكل