تكشف عن صدرها الجميل إلى القديسين والحكماء المصورين على الجدران المجاورة؛ ونرى هومر ينشد أشعاره السداسية الأوتاد في نشوة المكفوفين؛ وترى دانتي ينظر في صرامة لا تقبل مسالمة أو مهادنة إلى هذه الزمرة الطيبة من الشعراء والظرفاء؛ وترى سابفو، وهي أجمل من أن تكون لزبية Lesbian، تضرب على قيثارتها؛ وفرجيل وهوراس، وأوفد، وتيبلوس، وغيرهم من المغنين الذين اختيروا ليمثلوا عصوراً متعاقبة، تراهم يختلطون مع بترارك، وبوكاتشيو، وأريستو، وسنادسارو وغيرهم من شعراء إيطاليا الأحداث منهم عهداً والأقل منهم شأناً. وهكذا يوحي الفنان الشاب بأن "الحياة إذا خلت من الموسيقى كانت خطأ من الأخطاء"(٢١)، وأن نغمات الشعر، وخيالاته قد ترفع الآدميين إلى درجات لا تقل سمواً عن درجات الحكمة القصيرة النظر، واللاهوت وما فيه من وقاحة.
وعلى الجدار الرابع الذي تخترقه أيضاً نافذة كرَّم رفائيل مكانة القانون في الحضارة. فقد صور في مشكاة صورة تمثل الفطنة، والقوة، والاعتدال؛ وصور على أحد جانبي النافذة القانون المدني في صورة الإمبراطور جستنيان ينشر مجموعات القوانين، وعلى جانبها الآخر القانون الكنسي في صورة البابا جريجوري العاشر ينشر المراسيم البابوية. وأراد هنا أن يتملق سيده المحنق الغاضب فصور جريجوري في صورة يوليوس، وكانت هذه أيضاً صورة قوية ذات روعة. ورسم الفنان في دوائر السقف المزخرف، وأشكاله السداسية ومستطيلاته، آيات صغيرة من آياته الفنية مثل حكم سليمان وأشكالاً رمزية تمثل اللاهوت والفلسفة، وفقه القانون، وعلم الهيئة، والشعر. وبهذه الصور وأمثالها من النقوش على الأصداف وبعض المدليات التي تركها سووما تمت زخرفة حجرة التوقيعات.
وأفرغ رفائيل في هذا العمل كل ما كان له من جهد، ولم يبلغ بعد