من الفنانين في ذلك العصر؛ بل كان ذا نزعة عبرية لا رومانية أو يونانية قديمة؛ وكان في رومة بروتستنتياً أكثر ممّا كان كاثوليكياً.
وكان يفضل الرسم على الكتابة - التي هي - في رأيه إفساد للتصوير. وأسف والده لهذه النزعة، ولكنه خضع لها آخر الأمر، ووضع ميكائيل وهو في سن الثالثة عشرة ليتتلمذ على دمنيكو غيرلندايو Dominico Ghirlandio، أشهر المصورين في فلورنس وقتئذ. وكان العقد يلزم الشاب بأن يقيم مع دمنيكو ثلاث سنين" ليتعلم فن التصوير"؛ على أن يتقاضى أجراً قدره ستة فلورينات في السنة الأولى، وثمانية في الثانية، وعشرة في الثالثة، بالإضافة إلى الطعام والمسكن فيما نظن. وكان الشاب يكمل ما يناله من التعليم على يدي لندايو بأن يظل على الدوام مفتوح العينين أثناء تجواله في فلورنس فيرى في كل شيء تحفة فنية. وفي ذلك يقول صديقه كنديفي Condivi: " فكان لذلك يتردد على سوق السمك، يدرس فيها أشكال زعانفه وظلال ألوانه، وألوان عيونه، وكل ما يتصل به؛ وقد أبرز كل هذه التفاصيل بأعظم ما يكون من الجد والمهارة في صوره"(٢٤).
ولم يكد يتم العام مع غرلندايو حتى اجتمعت عليه الفطرة والمصادفة فحولته إلى النحت؛ وكان له، كما كان لكثيرين غيره من طلاب الفن، أن يدخل بكامل حريته الحدائق التي وشع فيها آل ميديتشي مجموعات التماثيل والعمارة القديمة. وما من شك في أنه قد نسخ صوراً من بعض الألواح الرخامية باهتمام خاص وحذق خاص؛ وشاهد ذلك أنه لمّا أراد لورندسو أن ينشئ في فلورنس مدرسة للنحت، طلب إلى غرلندايو أن يبعث إليه ببعض الطلاب الذين تلوح عليهم مخايل النجابة في هذه الناحية؛ فبعث إليه دمنيكو بفرانتشيسكو جانتشي Franceso Ganacci وميكل أنجيلو بوناروتي. وتردد والد الغلام في السماح له بالانتقال من