وسار يوليوس على السنة التي جرى عليها الكرادلة منذ زمن بعيد، فأراد أن ينشئ لعظامه تابوتاً يشهد حجمه وفخامته بما كان له من عظمة ويخلدها للأجيال الطويلة من بعده. وكان ينظر بعين الحسد إلى القبر الجميل الذي فرغ أندريا سان سوفينو Andrea Sansovino في كنيسة سان ماريا دل بوبولو. وعرض ميكل أنجيلو أن يكون هذا القبر أثراً ضخماً طوله سبع وعشرون قدماً وعرضه ثمان عشرة، يزينه أربعون تمثالاً: يرمز بعضها إلى الولايات البابوية التي استردت، ويمثل بعضها فنون التصوير، والهندسة المعمارية، والنحت، والشعر، والفلسفة، واللاهوت - أسرها كلها البابا القوي الذي لا تقف قوة ما أمام سلطانه؛ وترمز تماثيل أخرى إلى أسلافه الكبار كموسى مثلاً؛ ومنها يمثلان ملكين، أحدهما يبكي لانتقال يوليوس من الأرض، والآخر يبتسم لدخوله الجنة؛ وفي أعلى هذا النصب الضخم ينشأ تابوت جميل تحفظ فيه رفات البابا المتوفى. واقترح أن تنقش على أوجه هذا النصب نقوش من البرنز تروي جلائل أعمال البابا في الحرب، والحكم والفن. وكان في النية إقامة هذا كله عند منبر كنيسة القديس بطرس، وكان هذا المشروع يتطلب كثيراً من أطنان الرخام، وآلاف الدوقات، ويحتاج نحته إلى عدد كبير من السنين تقتطع من حياة المثال. ووافق يوليوس على المشروع، وأعطى أنجيلو ألفي دوقة ليبتاع بها لرخام المطلوب، وأرسله إلى كراراً وأمره أن يختار منها أحسن عروق الرخام. وأبصر ميكل وهو فيها تلاً مطلاً على البحر، وفكر في أ، ينحت هذا التمثال نفسه في صورة إنسان ضخم، إذا أضيء من أعلاه كان منارة يهتدي بها الملاحون من بعيد؛ غير أن قبر يوليوس أعاده مرة أخرى إلى روما. ولمّا وصلها ما اشتراه من الرخام، ووضع في كومة كبيرة بالقرب من مسكنه بجوار كنيسة القديس بطرس، عجب الناس