للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ضخامة حجمه وكثرة ما أبتيع من المال، وابتهج لذلك قلب يوليوس.

لكن المسرحية استحالت إلى مأساة. ذلك أن برامنتي كان يحتاج إلى المال ليشيد به كنيسة القديس بطرس الجديدة، فكان ينظر شزراً إلى هذا المشروع الضخم؛ هذا إلى أنه كان يخشى أن يحل ميكل أنجيلو محله فيصبح فنان البابا المقرب إليه؛ ولهذا استعان بنفوذه على تحويل أموال البابا وحماسه إلى غير طريق الضريح المقترح. وكان يوليوس نفسه يعد العدة لشن الحرب على بروجيا وبولونيا (١٥٠٦)؛ ورأى أن الحرب تتطلب الكثير من المال، وأن الضريح يمكن أن يؤجل حتى تسود السلم. ولم يكن أنجيلو في هذه الأثناء قد أعطى مرتبه، وكان قد أنفق في شراء الرخام كل ما أعطاه يوليوس من المال مقدماً، وأنفق من ماله الخاص ما يحتاجه لتأثيث البيت الذي أعده البابا. ولهذا ذهب إلى قصر الفاتيكان في يوم سبت النور من عام ١٥٠٦ يطلب المال؛ فقيل له إن عليه أن يعود في يوم الاثنين التالي؛ فلمّا عاد قيل له أن يجيء في يوم الثلاثاء. وأجيب هذا الجواب نفسه في أيام الثلاثاء، والأربعاء، والخميس. ولمّا جاء يوم الجمعة طرد وقيل له في غلظة إن البابا لا يحب أن يراه. فعاد إلى منزله وكتب إلى يوليوس الرسالة التالية:

أيها الأب المبارك: لقد طردت اليوم من القصر بناءً على أوامرك؛ ومن أجل هذا أبلغك أنك إذا احتجت إليّ بعد هذه الساعة فعليك أن تطلبني في غير روما (٣٣).

وأمر ميكل أن يبتاع ما اشتراه من أثاث لبيته، وركب الجواد إلى فلورنس، فلمّا بلغ بجيبنسي Poggibonsi لحقه بعض الرسل، ومعهم رسالة من البابا يأمره فيها أن يعود من فوره إلى روما. وإذا كان لنا أن نصدق روايته هو (ولقد كان رجلاً غاية في الصدق والأمانة) فإنه رد على البابا بقوله إنه لن يعود إلاّ إذا وافق البابا على أن يوفي بالشروط التي تفاهما عليها لبناء الضريح، ثم واصل السير إلى فلورنس.