وفي الحادية عشرة كان رئيساً لدير منتي كسينو ذي الذكريات التاريخية؛ وقبل أن يختار جيوفني للجلوس على عرش البابوية كان قد اجتمع له ستة عشر من هذه المناصب (١). وقد عيّن وهو في سن الثامنة كبيراً للموثقين البابويين، ثم عين كردنالاً في سن الرابعة عشرة (١).
وقد زود هذا الحبر بكل ما يتاح لأبناء الواسعي الثراء من ضروب التربية والتعليم؛ فنشأ بين العلماء، والشعراء؛ ورجال الحكم، والفلاسفة، وعين مارتشيلو فنتشينو Marcilio Ficino مربياً به، وتعلم اللغة اليونانية على دمتريوس كلكنديلس Demetrius Chalcondylese، والفلسفة على برناردو دا ببينا Bernardo Bibbiena الذي أصبح فيما بعد أحد كرادلته. وأشرب، مما في قصر والده وما حوله من مجموعات فنية ومن حديث حول الفن، حب الجمال الذي كاد يكون له ديناً حينما نضجت سنه. ولعله قد أخذ عن والده سخاءه العظيم وعدم مبالاته بالمال، كما أخذ عنه حياته المرحة، التي تكاد تكون أبيقورية، وهاتان الصفتان هما اللتان امتازت بهما حياته وهو كردنال وكذلك وهو بابا، وكانت لهما آثار بعيدة المدى في العالم المسيحي. ولمّا بلغ الثالثة عشرة من عمره التحق بالجامعة التي أنشأها والده في بيزا، وظل فيها ثلاث سنين يدرس الفلسفة واللاهوت، والقانون الكنسي والمدني. ولمّا بلغ السادسة عشرة سمح له علناً بأن ينضم إلى مجمع الكرادلة في روما؛ وقد بعثه إليه لورندسو (١٢ مارس من عام ١٤٩٢) مزوداً برسالة تعد من أكثر الرسائل طرافة في التاريخ.
من واجبك ومن واجبنا جميعاً نحن الذين يهتمون بمصلحتك أن نعتقد أن الله حبانا بعنايته؛ وليس ذلك لما أفاضه على بيتنا من النعم ومظاهر التبجيل والتكريم فحسب، بل لأنه فضلاً عن هذا وأعظم منه قد أسبغ
(١) يجب أن نذكر أنه كان في وسع الشخص أن يكون كردنالاً دون أن يكون قساً، وأن الكرادلة كانوا يختارون لمقدرتهم السياسية، وصلاتهم لا لصفاتهم الدينية.