الشعب لك، فيدفعونك بهذا إلى الهاوية التي تردوا هم فيها، ولهم في شبابك ما يغريهم ويؤكد لهم في ظنهم أنهم لا شك ناجحون فيما يحاولون. فحصّن نفسك إذن لملاقاة هذه الصعاب بكل ما تستطيع من قوة العزيمة، لأن الفضائل لا تزال في هذه الأيام ضعيفة الشأن بين إخوانك في مجمع الكرادلة. ولست أنكر بطبيعة الحال أن من بينهم رجالاً صالحين، أوتوا قسطاً كبيراً من العلم والمعرفة، يضربون بحياتهم أحسن الأمثلة لغيرهم من الناس، وأنا أوصيك بأن تتخذ هؤلاء قدوة لك، وأن تسلك في حياتك مسلكهم، فأنت إذا حذوت حذوهم وسرت على سيرتهم، ازداد تقدير الناس لك وانتشر صيتك بقدر ما تميزك سنك ومكانتك عن غيرك من زملائك. بيد أني أنصحك بأن تباعد ما بينك وبين ملق المتملقين؛ وأحذر الخيلاء والمظاهر الباطلة في سلوكك وحديثك؛ ولا تتصنع الزهد، وحتى الجد نفسه لا تبد مسرفاً فيه؛ وأرجو أن تفهم في مستقبل الأيام معنى هذه النصيحة وتسير عليها سيراً يفوق كل ما أستطيع الإفصاح عنه.
على أنك لست بغافل عمّا للأخلاق التي ينبغي لك أن تتخلق بها من شأن عظيم، لأنك تعلم حق العلم أن العالم المسيحي على بكرة أبيه سوف يزدهر ويعمّه الرخاء إذا اتصف الكرادلة بما يجب أن يتصفوا به من أخلاق طيبة؛ ذلك أنهم إن كانوا كذلك كان البابا حتماً من الصالحين في جميع الأوقات. وطمأنينة العالم المسيحي، كما تعلم، إنما تعتمد على وجود البابا الصالح. فاعمل إذن على أن تكون بحث إذا كان سائر الكرادلة مثلك، كان لنا أن نرجو نيل هذه النعمة الشاملة. وليس من السهل أن أسدي إليك نصائح مفصلة دقيقة تسترشد بها في سلوكك وحديثك، ولهذا فحسبي أن أنصحك بأن تكون العبارات التي تستخدمها في حديثك مع الكرادلة وغيرهم من ذوي الدرجات العلي خالية من التشامخ، يزنيها تقديرك واحترامك لمن يحدثك … على أن من الخير لك في زيارتك هذه لومة - وهي أولى