للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البابوية، وقد شاد أكثرها القادمون الجدد من شمالي إيطاليا الذين قدموا إليها بعد هجرة عصر النهضة. وازدحم فيها الفلورنسيون بوجه خاص لينالوا رفد البابوية الفلورنسية. وقد باولو جيوفو Paolo Giovo الذي كان يتبختر في البلاط البابوي سكان روما في ذلك الوقت بخمسة وثمانين ألفاً (٢٣)، ولسنا ننكر أنها لم تكن قد بلغت بعد ما بلغته فلورنس او البندقية من جمال، ولكنها كانت بإجماع الآراء محور المدنية الغربية؛ وقد سماها مارتشيلو ألبريني Marcello Alberini في عام ١٥٢٧، "ملتقى العالم كله" (٢٤). ولم يغفل ليو، وسط ملاهيه وشئونه الخارجية، عن تنظيم استيراد الطعام وتحديد أثمانه، وإلغاء الاحتكارات، وابتياع بعض السلع بأجمعها للتحكم في أثمانها (١)، وخفض الضرائب، ووزع العدالة بغير محاباة، وبذل جهده لتجفيف المستنقعات البنتية Pontine Marshes، وعمل على تقدم الزراعة في الكمبانيا، وواصل أعمال الإسكندر ويوليوس في شق الشوارع في روما وتحسينها (٣٠). وسار على نهج أبيه في فلورنس فعنى بالضروريات والكماليات فاستخدم الفنانين لينظموا له المواكب الفخمة، وشجع الاحتفالات المقنعة عيد المساخر، وبلغ من أمره أن سمح بإقامة مصارعات الثيران التي جاء بها آل بورجيا في ميدان القديس بطرس نفسه. ذلك أنه كان يرغب في أن يشترك الشعب في مرح العصر الذهبي الجديد وسعادته.

وسارت المدينة على نهج البابا، وأطلقت للمرح والبهجة العنان، فأسرع رجال الدين، والشعراء، والطفيليون، والقوادون، والعاهرات إلى روما ليعبوا كأس السعادة عبا. وكان الكرادلة وقتئذ أغنى من الأشراف القدامى، بفضل ما حباهم به البابوان، وخاصة ليو نفسه، من المناصب التي جاءتهم بالإيراد من جميع أنحاء العالم المسيحي اللاتيني. وبينا كان


(١) هذا هو الذي يسمونه في عالم التجارة "ركناً Corner" ( المترجم)