وكان ماركو جيرولامو فيدا Marco Girolamo Vida أطوع لأغراض ليو من غيره من الشعراء. وقد ولد ماركو هذا في كريمونا، وأتقن اللغة اللاتينية، وبرع فيها براعة أمكنته من أن يكتب بها كتابة ظريفة القصائد التعليمية في ن الشعر نفسه، أو في تربية دود القز، أو في لعبة الشطرنج. وقد سر ليو من هذا سروراً حمله على أن يرسل في طلب فيدا، ويثقله بالهبات، ويرجوه أن يتوج آداب ذلك العصر بملحمة لاتينية في حياة المسيح. وهكذا بدأ فيدا ملحمة الكرستيادة Christiad التي مات ليو السعيد قبل أن يراها. وحذا كلمنت الشابع حذو ليو في رعاية فيدا، وحباه بمنصب أسقف ليعيش منه، ولكن كلمنت أيضاً مات قبل أن تنشر الملحمة (١٥٣٥). وكان فيدا راهباً قبل أن يبدأها، وأسقفاً حين فرغ منها، ولكنه لم يستطع أن يحاجز نفسه عن الإشارات المتصلة بالأساطير اليونانية والرومانية القديمة التي كانت تملأ الجو نفسه في أيام ليو، وإن بدت مضطربة سخيفة في نظر الذين أخذوا ينسون أساطير اليونان والرومان ويجعلون المسيحية نفسها أساطير أدبية. فنحن نرى فيدا في هذه الملحمة يقول عن الإله الأب إنه "أبو الآلهة مسخر السحاب"، وإنه "حاكم أوليس"؛ ولا ينفك يصف يسوع بأنه هيروس ويأتي بالفرغونات؛ وربات الانتقام، والقنطورات، والأفاعي الكثيرة الرءوس (١) لتطالب بموت المسيح. لقد كان هذا الموضوع النبيل خليقاً ببحر من الشعر أكثر مواءمة له بدل أن يقلد الشاعر الإنياذة. وليست أجمل الأبيات في شعر فيدا هي التي يخاطب بها المسيح في الكرستيادة، بل هي التي يخاطب بها فرجيل في فن الشعر وهي أبيات تعز على الترجمة ولكننا سنحاول نقلها فيما يأتي:
(١) كل هذه كائنات خرافية غريبة ورد ذكرها في الأساطير اليونانية القديمة. (المترجم)