اختتم حياته في مثل اليوم الذي ولد فيه يوم الجمعة الحزينة، ولمّا يتجاوز السابعة والثلاثين من عمره (٦ أبريل سنة ١٥٢٠)(٩١) ".
ورفض القس الذي جاء ليتلقى اعترافه أن يدخل حجرة المريض قبل أن تخرج عشيقة رفائيل من بيته؛ ولعل سبب ذلك الرفض هو شعور القس بأن استمرار وجودها في البيت قد يوحي بأن رفائيل تعوزه الندامة التي لا بد منها قبل أن تغفر له ذنوبه. ولهاذ منعت حتى من الاشتراك في تشييع الجنازة، فانتابها الحزن والكمد حتى كادت تصاب بالجنون لولا أن أقنعها الكردنال ببينا بأن تترهب. وسار على جميع الفنانين في روما في جنازة الشاب الراحل حتى ووري الثرى، وحزن ليو على فقدان مصوره المحبوب؛ وأخرج أمين سر البابا وشاعره، وهوبمبو Bembo الذي تنقصه البلاغة الممتازة في اللغتين اللاتينية والإيطالية، أخرج بمبو هذا كل ما أوتي من فصاحة وكتب قبرية لرفائيل في البنثيرون لم يزد فيها على أن قال:
llle Hec est Raphael
" إن الذي هنا هو رفائيل"
وكفاه هذا. وبعد فقد كان رفائيل بإجماع معاصريه أعظم المصورين في عصره. نعم إنه لم يخرج شيئاً يضارع في سموه سقف سستيني، ولكن ميكل أنجيلو لم يخرج قط شيئاً يضارع في جماله الكلي صور العذراء الخمسين التي أخرجها رفائيل. ولقد كان ميكل أنجيلو أعظم الفنانين لأنه كان عظيماً في ميادين ثلاثة، وكان أعمق من سائر الفنانين في تفكيره وفي فنه. ولمّا أن قال عن رفائيل:"إنه مثل لما تستطيع الدراسة العميقة أن تثمره"(٩٢) كان يعني في أكبر الظن أن رفائيل قد نال بفضل المحاكاة كل الصفات الممتازة التي يتصف بها كثيرون من المصورين، وإنه صاغها بفضل ما وهب من الجد والمثابرة حتى أصبحت طرازاً بلغ ذروة الكمال. على أن ميكل أنجيلو لم يشعر أن رفائيل قد أوتي تلك القوة العاصفة المبدعة