للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفخامته، ومنها المستشفى الكبير في ميلان؛ ومنها ما كان يزين جدرانه بالتحف الفنية المُلهِمة. واستخدم مستشفى كبا Ospedafe del Coppa في بستويا جيوفني دلا رُبيا ليشكل لجدرانه نقوشا من الصلصال المحروق تصف في وضوح نماذج من مناظر المستشفيات، وامتازت واجهة مستشفى البرءاء Ospedali degli Innocenti في فلورنس الذي خططه برونيلسكو بالمدليات الرائعة المصنوعة من الصلصال المحروق التي وضعها في البندريلات القائمة على عقود بابها أندريا دلاربيا. ولشد ما تأثر لوثر بما وجده في إيطاليا من معاهد طبية وخيرية في عام ١٥١١، وهو الذي روع بما كان فيها من فساد خلقي. وقد وصف لنا في حديث المائدة مستشفياتها بقوله:

"المستشفيات في إيطاليا جميلة البناء مزودة أعجب التزويد بأحسن أنواع الطعام والشراب، ويعتنى فيها أحسن عناية بخدمة المرضى، وجدرانها مغطاة بالصور والنقوش. وإذا جاءها مريض نزعت عنه ملابسه بحضور كاتب يثبتها عنده بعناية وتحفظ في أمان. ثم يلبس المريض قميصاً أبيض اللون، ويخصص له سرير مريح عليه غطاء نظيف من التيل. ويحضر إليه على الفور طبيبان ويأتيه الخدم بالطعام والشراب في آنية نظيفة … ويزور المستشفى بالتناوب كثير من السيدات ويعتنين بالمرضى وهن محجبات الوجوه، حتى لا يعرف أحد كنههن؛ وتبقى كل واحدة منهن في المستشفى بضعة أيام، تعود بعدها إلى منزلها، وتحل غيرها محلها … وتضارع هذه المستشفيات في الجودة ملاجئ اللقطاء في فلورنس، حيث يعنى أكبر عناية بإطعام الأطفال وتعليمهم، وحيث يزودون بحلل متشابهة من الثياب ويلقون أعظم العناية بجميع أنواعها (٢٩).

وكثيراً ما يكون من نحسس طالع الطب أن أمراضا جديدة تقابل تقدمه العظيم في العلاج- وتكاد تعقبه على الدوام. ومصداقا لهذا نقول إن الجدري والحصبة اللذين لا نكاد نسمع عنهما في أوربا قبل القرن السادس عشر أصبحا