للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حياته بداية طيبة: فقد ولد في فيرونا (١٤٨٣) من أسرة شريفة أنجبت قبله عددا من الأطباء المشهورين. ودرس في بدوا كل شيء تقريبا؛ وكان من زملائه في الدرس كوبرنيق وكان بمبونتسي Pomponazzi وأكليني Achilini يعلمانه الفلسفة والتشريح، ولما بلغ الرابعة والعشرين من العمر كان هو أستاذ للمنطق ثم ما لبث أن أعتزل هذا العمل ليخصص نفسه للبحث العلمي بوجه عام والبحث الطبي بوجه خاص تخففه رغبة قوية في دراسة الآداب القديمة. وأثمر جمعه بين العلوم والآداب على هذا النحو شخصية مصقولة مهذبة. كما أثمر قصيدة رائعة مكتوبة باللغة اللاتينية على نمط قصيدة الفلاحة Georgics لفرجيل سماها الزهري، النجاة من الداء الفرنسي Syphilis, sive le morlo gallico (١٥٢١) . وكان الإيطاليون من أيام لكريتيوس قد برعوا في كتابة القصائد التعليمية، ولكن من الذي كان يظن أن المطوقات المتناوبة يمكن أن يتحدث عنها بشعر سلس؟ أما لفظ سِفِلس فكان يطلق في الأساطير القديمة على راع اعتزم إلا يعبد الله الذي لا يستطيع رؤيته، بل يعبد الملك، وهو وحده سيد قطعانه الذي يمكنه أن يراه؛ ولذلك غضب منه أبلو فملأ الهواء بأبخرة كريهة أصيب منها سفلس بمرض مصحوب بطفح وخراجات في جميع أجزاء جسمه؛ تلك في جوهرها هي قصة أيوب. واقترح فراكستورو أن يبحث عن أول ظهور "مرض شديد الوطأة، نادر لم ير قط في القرون الماضية اجتاح أوربا كلها ومدن آسية وليبيا المزدهرة وغزا إيطاليا في تلك الحرب المشئومة التي كانت سببا في اشتقاق اسمه من بلاد غالة (فرنسا) ليتبين مبدأ ظهوره، وانتشاره الوبائي، وأسبابه، وعلاجه. وهو يرتاب في أن المرض قد وفد من أمريكا، لأن ظهوره كاد يكون في وقت واحد في كثير من بلاد أوربا البعيدة