للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعضها عن بعض. ويقول إن العدوى؛ "لم تكن تظهر في الحال، بل كانت تبقى كامنة فترة من الزمن قد تطول أحيانا إلى شهر … بل إلى أربعة أشهر. وكانت قرح صغيرة تبدأ في الظهور في معظم الحالات على الأعضاء التناسلية … ثم تظهر على الجلد بعدئذ بثرات عليها غشاء … ثم تأكل هذه البثرات المتقرحة الجلد … وتصل عدواها إلى العظام نفسها … وتتآكل في بعض الحالات الشفتان، أو الأنف، أو العينان، وفي حالات أخرى تتآكل جميع الأعضاء التناسلية" (٣٩).

ثم تمضي القصيدة فتبحث في علاج هذا الداء بالزئبق أو بالجواياك (صمغ خشب الأنبياء) - وهو "خشب مقدس" يستعمله هنود أمريكا. وتحدث فرانكستورا في كتاب آخر منثور يسمى العدوى عن بعض الأمراض المعدية- كالزهري، والتيفوس، والتدرن- وطرق انتشارها. واستدعاه بولس الثالث في عام ١٥٤٥ ليكون كبير الأطباء لمجلس ترنت. وأقامت فيرونا نصبا عظيما تخليدا لذكراه، ونقس جيوفني دال كافينو Giovanni dal Cavino صورته على مدلاة تعد من أجمل التحف الفنية التي من نوعها.

وكانت العادة المتبعة قبل عام ١٥٠٠ أن يطلق على جميع الأمراض المعدية على اختلاف أنواعها ذلك الاسم العام الشامل وهو "الطاعون". ثم كان من الأعمال الدالة على تقدم الطب أنه قد ميز في وضوح وشخص طبيعة هذا الوباء الخاص؛ وأعد العدة لمقاومة انتشار مرض خطير كالزهري. ولم يكن الاعتماد على أبقراط وجالينوس كافيا في هذه الأزمة الطاحنة؛ كما أنه لم يكن في مقدور مهنة الطب أن تواجه هذه التجربة الغير متوقعة إلا لأنها قد أدركت ضرورة الدراسة المفصلة الدائمة التجدد لأعراض هذا الداء، وأسبابه، وطرق علاجه بتجارب تجرى في ميدان دائم الاتساع متصلة بعضها ببعض على الدوام.

وإلى هذه المؤهلات العالية، وغلى الإخلاص في العمل، والنجاح فيه،