للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مهوش من الدين القويم، والإيمان بالعلوم الخفية، والهلينية، ووصل فيه بعد تردد وإحجام إلى نتيجة من نوع مذهب الأحدية (١) فقال إن الله هو روح العالم. وأصبح هذا هو فلسفة لورندسو والملتفين حوله، والمجامع العلمية الأفلاطونية في روما، ونابلي، وغيرهما من البلاد؛ ووصلت هذه الفلسفة من نابلي إلى جيوردانو برونو، ثم انتقلت من برونو إلى أسبنوزا، ومنه إلى هيجل، ولاتزال حية قائمة إلى يومنا هذا.

ولكنهم كانوا يجدون ما يقولونه دفاعا عن أرسطو وخاصة إذا أسيء فهمه وتفسيره. ترى هل كان أكوناس على حق حين فهم أنه يقول بالخلود السخصي، أو هل كان ابن رشد محقا حين فهم من كتاب النفس أنه لا يؤكد عدم الموت إلا لنفس بني الإنسان الكلية؟ وكان ابن رشد الرهيب ذلك الفيلسوف العربي المرعب، الذي ظل الفن الايطالي زمنا طويلا يصوره منكبا على وجهه تحت قدمي القديس تومس، كان ابن رشد هذا منافساً يدعو إلى غلبة الفلسفة الأرسطوطالية بلغ من قوته أن أضحت بدوا وبولونيا تعجان بإلحاده. وكانت بدوا هي التي أضاع فيها مرسيلوس، الذي تسمى باسمها، احترامه للكنيسة (٢). وفي بدوا استقى فلبو ألجيري دانولا Algeri da Nola Filippo برونو المولود في نولا نفسها تلك الأخطاء المروعة التي لقى فيها ذلك المصير المحزن إذ ألقى به في برميل من القار وهو يغلي (٤٠). ويبدو أن نقولتو فرنياس Nicoletto Vernias. كان، وهو أستاذ للفلسفة في بدوا (١٤٧١ - ١٤٩٩)، يعلم فيها العقيدة القائلة إن النفس الكلية العالمية وحدها، لا النفس الفردية، هي الخالدة (٤١)، وعرض تلميذه أجستينو نيفو Agostino Nifo هذه الفكرة نفسها في رسالة له


(١) أي القائلين بوحدة الوجود أي أن الله والعالم أحد واحد. (المترجم)
(٢) ينتمي مرسليوس فيلسوف بدوا إلى الإصلاح الديني لا إلى النهضة ولهذا أرجأنا الحديث عنه إلى المجلد التالي.